وقبورهم نارًا" [البخاري (٢٩٣١ و ٤١١١ و ٤٥٣٣ و ٦٣٩٦)، مسلم (٦٢٧)]، فإن كان سليمان بن حيان [وهو أبو خالد الأحمر]، قد تفرد به عن هشام بن حسان، ففي تفرده نكارة، فإن هشام بن حسان قد روى عنه جماعات من الثقات المشاهير، وأبو خالد الأحمر: ليس بذاك الحافظ الذي يحتمل منه التفرد بمثل هذا، قال البزار: "ليس ممن يلزم بزيادته حجة، لاتفاق أهل العلم بالنقل أنه لم يكن حافظًا، وأنه قد روى أحاديث عن الأعمش وغيره: لم يتابع عليها، [إكمال مغلطاي (٦/ ٥٠)، التهذيب (٣/ ٤٦٨)].
فلا يقبل تفرد مثله عن هشام بن حسان، لا سيما وهشام: بصري، وأبو خالد: كوفي.
ثم إن رواة هذا الإسناد بعد أبي خالد إلى أبي عوانة: كلهم رمليون، فأين الكوفيون من أبي خالد.
وعلى هذا؛ فإن هذا الإسناد: إسناد غريب.
• وقد خالفه: عيسى بن يونس، وروح بن عبادة، قالا: ثنا الأشعث، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن المذي؟ فقال: "كل فحل يمذي، فيغسل ذكره ويتوضأ". لفظ عيسى.
أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده [نصب الراية (١/ ٩٤)]، والبزار (٢/ ١٧٨/ ٥٥٣).
قلت: فهذا هو الإسناد الصحيح، الذي لا مطعن فيه، والأشعث هذا: هو ابن عبد الملك الحمراني البصري: ثقة فقيه، وكان ثبتًا في ابن سيرين، قال فيه يحيى بن سعيد القطان: "لم أدرك أحدًا من أصحابنا هو أثبت عندي من أشعث بن عبد الملك، لا أدركت أحدًا من أصحاب ابن سيرين -بعد ابن عون-: أثبت منه" [التهذيب للمزي (١/ ٢٧٣)، تهذيبه (١/ ٣٦٧)].
وعلى هذا فالحديث محفوظ عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن علي، لكن بدون هذه الزيادة: "وأنثييه".
وعلى هذا: فإن زيادة: "وأنثييه": زيادة شاذة، لا تحفظ إلا من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن علي، ولا تصح للانقطاع بين عروة وعلي.
والأسانيد الصحيحة لهذا الحديث كلها قد وردت بدون هذه الزيادة الشاذة.
ومما يؤكد عدم ثبوتها من حديث علي: قول أبي داود للإمام أحمد في مسائل (١٠٦): "قلت لأحمد: إذا أمذى يجب عليه غسل أنثييه؟ قال: ما قال غسل الأنثيين إلا هشام بن عروة -يعني: في حديث علي- فأما الأحاديث كلها فليس فيها ذا".
فهذا الإمام أحمد بعدما سبر طرق هذا الحديث لم ير أحدًا أتى بهذه الزيادة سوى هشام بن عروة عن أبيه، مما يدل على عدم ورودها -من طريق تثبت- عن ابن سيرين عن عبيدة، أو عن الركين عن حصين بن قبيصة.