لكن يبدو أن هذه الرواية المرفوعة منكرة بهذا السياق:
• فقد رواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن إسرائيل، عن سماك، عن معبد بن صبيح، عن علي؛ أنه كرهه. هكذا موقوفاً على علي.
أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ٣٤٤/ ١٥٠٨٦ - ط الشثري).
قلت: وكيع بن الجراح: أحفظ وأضبط وأتقن من خلاد بن يحيى، لكن وقع وهم في روايته في اسم شيخ سماك، حيث قيل فيه: معبد بن صبيح، وإنما رواه الناس عن سماك فقالوا: صبيح بن عبد الله، وهو الصواب، و به ترجم البخاري، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والدارقطني والخطيب، وغيرهم، وستأتي ترجمته، ومن قال: معبد بن صبيح فقد وهم.
• والمعروف في هذا الحديث: ما رواه عبد الله بن الحارث بن نوفل: أن عثمان بن عفان ﵁ أهدي إليه طعام فيه من الحَجَلِ، واليعاقِيبِ، ولحم الوحش، فبعث إلى علي بن أبي طالب، فقال: أطعموه قوماً حلالاً؛ فإنا حُرُمٌ، ثم قال علي ﵁: أن رسول الله ﷺ أُهدِيَ إليه رِجْلُ حمار وحش، وهو محرم، فأبى أن يأكله.
فدل ذلك على كون خلاد بن يحيى قد حفظ الرفع عن إسرائيل عن سماك، وأن المحفوظ من الحديث قوله: أهدي الرسول الله ﷺ لحم صيد فأبى أن يأكله.
وأما هذه الزيادة التي انفرد بها:«لا آكل مما صيد وأنا محرم»؛ فهي زيادة منكرة؛ تفرد بها: صبيح بن عبد الله بن عميرة العبسي، وهو مجهول، لا يُعرف له سماع من علي بن أبي طالب، وسيأتي بيانه.
ب - ورواه إسحاق بن يوسف الأزرق، عن شريك، عن سماك بن حرب، عن صبيح بن عبد الله العبسي، قال: استعمل عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحارث على العروض [أي: مكة والمدينة واليمن وما حولهم. تهذيب اللغة (١/ ٢٩٣). الصحاح (٣/ ١٠٨٢). النهاية (٣/ ٢١٤)]، … ثم ذكر نحوه، وزاد فيه، قال: فمكث عثمان ما شاء الله أن يمكث، ثم أتي فقيل له بمكة: هل لك في ابن أبي طالب، أهدي له صَفِيفُ حمار فهو يأكل منه، فأرسل إليه عثمان وسأله عن أكل الصفيف؟ فقال: أما أنت فتأكل، وأما نحن فتنهانا؟ فقال: إنه صيد عام أوَّل، وأنا حلال، فليس عليَّ بأكله بأس، وصيد ذلك - يعني: اليعاقيب - وأنا محرم، وذُبحنَ وأنا حرام. لفظ الطبري.
ولفظه بتمامه عند ابن عبد البر: استعمل عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحارث على العروض، فمر به رجل من أهل الشام ومعه باز وصقر، فاستعاره منه، وصاد به من اليعاقيب، فلما سمع بعثمان قد مر حاجاً أمر بهن فذبحن فطبخن، ثم جُعِلنَ في جفنة، فجاء بهنَّ آل عثمان، فقال عثمان: كلوا، فقال بعض القوم: انظروا علياً يأتيكم الآن، فلما جاء علي ورآها بين أيديهم أبى أن يأكل، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال: لم أكن لأكل من هذا، قال عثمان: لم؟ قال: هو صيد لا يحل لمن [كذا، ولعلها: لي] أكله وأنا