• قلت: يزيد بن أبي زياد الكوفي، هو في الأصل: صدوق عالم؛ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان إذا لُقّن تلقّن، فهو: ليس بالقوى؛ كما قال أكثر النقاد، لأجل ما صار إليه أمره [انظر: التهذيب (٩/ ٣٤٤). الميزان (٤/ ٤٢٣). وقد تقدم الكلام عليه مراراً] [راجع تفصيل القول في يزيد بن أبي زياد: فضل الرحيم الودود (٨/ ٣٠٠ - ٣١٠/ ٧٥٠)].
قلت: وشعبة، وهشيم، وابن عيينة: ممن سمع من يزيد قديماً [راجع: فضل الرحيم الودود (٨/ ٣٠٧/ ٧٥١)]، ومما نقلت في الموضع المشار إليه من الفضل، في حديث البراء بن عازب في رفع اليدين: قول الحاكم أبي عبد الله عن يزيد بن أبي زياد؛ «أنه كان يُذكر بالحفظ في شبابه، فلما كبر ساء حفظه، فكان يخطئ في كثير من رواياته وحديثه، ويقلب الأسانيد، ويزيد في المتون، ولا يميز» [مختصر الخلافيات (٢/ ٨٠). البدر المنير (٣/ ٤٨٨)]، وقال البخاري في رفع اليدين (٧٥): «وكذلك روى الحفاظ من سمع من يزيد بن أبي زياد قديماً، منهم: الثوري، وشعبة، وزهير، ليس فيه: ثم لم يعد»، وقال أبو سعيد الدارمي:«ومما يحقِّقُ قول سفيان بن عيينة أنهم لقنوه هذه الكلمة: أن سفيان الثوري وزهير بن معاوية وهشيماً وغيرهم من أهل العلم: لم يجيئوا بها، إنما جاء بها من سمع منه بأخرة» [سنن البيهقي (٢/ ٧٦). مختصر الخلافيات (٢/ ٧٩)].
قلت: فإذا كان ثلاثة ممن سمع منه قديماً قد اختلفوا عليه، فهذا مما يدل على عدم ضبطه لهذا الحديث، أما الإسناد: فالمحفوظ فيه ما رواه شعبة وابن عيينة ومعمر، وذلك لاتفاق إسحاق بن عبد الله وابن جدعان على روايته عن عبد الله بن الحارث عن علي، بدون زيادة أبيه في الإسناد، وأما المتن: فالعمدة على ما رواه إسحاق بن عبد الله وابن جدعان، ويؤخذ من رواية يزيد ما تابعهما فيه دون ما انفرد به، وذلك فضلاً عن كونه قصر به فأوقفه، ولم يذكر الحديث المرفوع، في امتناع النبي ﷺ من أكل الصيد، كذلك فإن يزيد بن أبي زياد قد اضطرب فيه، فأثبت مرة أن عثمان أكل من الصيد، ونفاه أخرى، والصحيح أن عثمان لم يأكل منه، والله أعلم.
• والحاصل فيمكن القول بأن رواية الجماعة شعبة، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد عن يزيد بن أبي زياد، قال: سمعت عبد الله بن الحارث بن نوفل، يقول: كنت مع عثمان بين مكة والمدينة ونحن محرمون، هي الصواب في الإسناد، غير أن يزيد لم يضبط متن هذا الحديث، وقصر به حين أوقفه، والله أعلم.
٣ - ورواه عمران بن محمد بن أبي ليلى، عن أبيه، عن عبد الكريم، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب، قال: أتي النبي ﷺ بلحم صيد وهو محرم، فلم يأكله.
أخرجه ابن ماجه (٣٠٩١)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (١/ ١٠٥)، وأبو يعلى (١/ ٣٤١/ ٤٣٣)، والطحاوي في شرح المعاني (٢/ ١٦٨/ ٣٧٨٦)، وأبو طاهر