طالب سائل، وهو راكع في تطوع فنزع خاتمه، فأعطاه السائل، فأتى رسول الله ﷺ فأعلمه ذلك، فنزلت على النبي ﷺ هذه الآية: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥)﴾ [المائدة: ٥٥]، فقرأها رسول الله ﷺ، ثم قال:«من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه».
قال الطبراني:«لا يروى هذا الحديث عن عمار بن ياسر إلا بهذا الإسناد، تفرد به: خالد بن يزيد».
قلت: هو حديث كذب موضوع، آفته المتفرد به خالد بن يزيد العدوي العمري، وهو كذاب، ذاهب الحديث [اللسان (٣/ ٣٤٥)].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:«وحديث علي الطويل في تصدقه بخاتمه في الصلاة؛ فإنه موضوع باتفاق أهل العلم»، وقال في موضع آخر:«موضوع بإجماع أهل العلم» [مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥٤ و ٣٥٩)].
وليس من هذا الباب: وضع الصدقة في المسجد؛ لكي يأخذها من شاء من أهل الصدقة، كتعليق القنو في المسجد، ووضع الصدقات ونحوها في المسجد، وقصة معن بن يزيد السلمي، وليس منه أيضاً: رؤية من حاله تجلب الشفقة عليه، وتحث على الصدقة عليه، وحث النبي ﷺ أصحابه لكي يتصدقوا عليهم، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ولكن المقصود هنا: أن يأتي السائل ليسأل الصدقة في المسجد، وقد يدخل في هذا المعنى:
حديث الأخضر بن عجلان، عن أبي بكر الحنفي، عن أنس بن مالك، قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ، فشكا إليه الحاجة، وقال:«ما عندك شيء؟»، قال: لا، قال:«فانطلق فأتيني بما في بيتك»، قال: فانطلق فجاءه بحلس وقدح، فقال:«ما عندك غير هذا؟»، قال: لا، قال رسول الله ﷺ:«من يشتري ذا؟»، قال رجل: أنا آخذه بدرهم، قال:«من يزيد؟»، قال رجل: أنا آخذه بدرهمين، فقال رسول الله ﷺ:«من يزيد؟»، فدعا بلالاً، ثم أعطاها إياه، وأخذ الدرهمين، فدفعها إلى الرجل، فقال:«انطلق، فابتع بأحدهما طعاماً لأهلك، وابتع قدوماً بدرهم، فاحتطب بها فإنه خير لك من المسألة؛ أن تأتي يوم القيامة وفي وجهك نكت المسألة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي دم موجع، ولذي غرم مفظع، أو لذي فقر مدقع».
وهذا حديث حسن غريب [تقدم تخريجه برقم (١٦٤١)]، لكن يشكل عليه وقوع بيع المزايدة فيه، مما يغلب على الظن عدم وقوع هذه الواقعة في المسجد، والله أعلم.
وقد استدل بعضهم على عدم جواز السؤال في المساجد:
بما رواه حيوة بن شريح، قال: سمعت أبا الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، يقول: أخبرني أبو عبد الله مولى شداد؛ أنه سمع أبا هريرة، يقول: سمعت رسول الله ﷺ، يقول:«من سمع رجلاً ينشُدُ ضالَّةً في المسجد؛ فليقل: لا أداها الله إليك؛ فإن المساجد لم تُبن لهذا».