رسولُ اللهِ؟ قال: فسكَتوا. قال: فقال عالمُهم وكبيرُهم: إنه قد عظَّم عليكم فأَجِيبوه. قالوا: أنت عالمُنا وسيدُنا، فأَجِبْه أنت. قال: أَمَّا إذ نشدْتَنا [بما نَشَدْتنا](١) به، فإنّا نَعْلَمُ أنه رسولُ اللهِ. قال: قلتُ: وَيْحَكم! فأنَّى (٢) هلَكتُم! قالوا: إنَّا لَمْ نَهْلِكْ. قال: قلتُ: كيف ذاك وأنتم تَعْلَمون أنه رسولُ اللهِ، ثم لا تَتَّبِعونه ولا تُصَدِّقونه؟ قالوا: إن لنا عدوًّا مِن الملائكةِ وسِلْمًا مِن الملائكةِ، وإنه قُرِن بنبوَّتِه (٣) عدُوُّنا مِن الملائكةِ. قال: قلتُ: ومَن عدوُّكم ومَن سِلْمُكم؟ قالوا: عدوُّنا جبريلُ وسِلْمُنا ميكائيلُ. قال: قلتُ: وفيمَ عاديْتُم جبريلَ وفيمَ سالمتم ميكائيلَ؟ قالوا: إن جبريلَ مَلَكُ الفظاظةِ والغلظةِ والإعسارِ والتشديدِ والعذابِ ونحوِ ذلك، وإن ميكائيلَ ملَكُ الرأفةِ والرحمةِ والتخفيف ونحوِ هذا. قال: قلتُ: وما منزِلتُهما مِن ربِّهما؟ قالوا: أحدُهما عن يمينِه والآخرُ عن يسارِه. قال: فقلتُ: فواللهِ الذى لا إلهَ إلَّا هو، إنهما والذى بينهما لعَدوٌّ لمَن عاداهما، وسِلْمٌ لمَن سالَمَهما، ما يَنْبَغى لجبريلَ أن يُسالمَ عدوَّ ميكائيلَ، و [ما ينْبَغِى](٤) لميكائيلَ أن يُسالمَ عدوَّ جبريلَ. قال: ثم قمتُ فاتَّبعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فلحِقْتُه وهو خارجٌ مِن خَوْخَةٍ (٥) لبنى فلانٍ، فقال لى:"يا بنَ الخطابِ، ألا أُقْرِئُك آياتٍ نزَلْنَ قبلُ (٦) "؟ فقرَأ عليَّ: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ حتى قرَأ الآياتِ. قال: قلتُ: بأبي وأمى يا رسولَ اللهِ، والذى بعَثك بالحقِّ، لقد جِئْتُ وأنا أُرِيدُ أن أُخْبِرَك
(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في م: "أي" (٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به". (٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لا". (٥) في م: "خرقة". والخوخة: باب صغير كالنافذة الكبيرة، وتكون بين بيتين ينصب عليها باب. النهاية ٢/ ٨٦. (٦) سقط من: م.