كتاب تفسير الطبري جامع البيان - ت التركي

القول في تفسير السورة التي يذكر فيها البقرة - القول في تأويل قوله جل ثناؤه خبرا عن ملائكته: ﴿قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾. - ج: 1 - ص: 485

هذه الأسماءَ على أولئك الملائكةِ - يعني الملائكةَ الذين كانوا مع إبليسَ الذين خُلِقوا مِن نارِ السمومِ - وقال لهم: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ﴾. يقولُ: أخْبِرُوني بأسماءِ هؤلاء، ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾: [إن كنتم] (١) تَعلمون لمَ (٢) أجعَلُ في الأرضِ خليفةً. قال: فلمّا علِمتِ الملائكةُ مُؤاخذةَ (٣) اللهِ عليهم فيما تكلَّموا به من علمِ الغيبِ الذي لا يعلمُه غيرُه، الذي ليس لهم به علمٌ، قالوا: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ - تَنزيهًا للهِ مِن أن يكونَ أحدٌ يعلمُ الغيبَ غيرَه - تبنا إليك، ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ - تَبَرِّيًا منهم من علمِ الغيبِ - ﴿إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ كما علَّمْتَ آدمَ. فقال: ﴿يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾. يقولُ: أخبِرْهم بأسمائِهم، ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾. [يقولُ: أخبَرَهم] (٤) بأسمائهم، ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ﴾ أيها الملائكةُ خاصةً: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، ولا يَعْلَمُه غيري، ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾. يقول: ما تُظْهِرون، ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾. يقول: أعلمُ السرَّ كما أعلمُ العَلانيةَ، يعني ما (٥) كتَم إبليسُ في نفسِه مِن الكبْرِ والاغْتِرارِ (٦).

وهذه الروايةُ عن ابنِ عباسٍ تُنبئُ عن أن قولَ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَإِذْ قَالَ

---

(١) في ص، ر، م: "أنكم".
(٢) في ص، م، ت ٢: "أنى".
(٣) في ص: "موجدة".
(٤) سقط من: ص، ر، م، ت ١، ت ٢.
(٥) في ص، ر: "مما".
(٦) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٨٤، ٩٠، ٩٢، ٩٥، ٩٧، ١٠٠ مفرقًا.
وعزاه ابن كثير في تفسيره ١/ ١٠٨ إلى المصنف بطوله، وقال عقبه: هذا سياق غريب، وفيه أشياء فيها نظر يطول مناقشتها، وهذا الإسناد إلى ابن عباس يروى به تفسير مشهور.