قال: سمِعْتُ الضَّحَّاكَ: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾. يقولُ: شَقِّقْهنَّ، وهو بالنَّبَطِيَّةِ: صرِّى، وهو التشقيقُ (١).
حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو بن حمّادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾. يقولُ: قَطِّعْهنَّ (٢).
حُدِّثتُ عن عمّار بن الحسنِ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾. يقولُ: قَطِّعْهِنَّ إليك، ومَزِّقْهُنَّ تمزيقًا.
حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾. أَيْ: قَطِّعْهُنَّ. وهو الصَّوْرُ في كلامِ العربِ (٣).
ففيما ذكَرْنا مِن أقوالِ مَن رَوَيْنا قوله في تأويلِ قوله: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾. أنه بمعنَى: فقَطِّعْهِنَّ إليك. دَلالةٌ واضحةٌ على صحةِ ما قلْنا في ذلك، وفسادِ قولِ مَن خالفَنا فيه، وإذ كان ذلك كذلك، فسواءٌ قرَأ القارئُ ذلك بضمِّ الصادِ: ﴿فَصُرْهُنَّ﴾ أو بكسرِها: (فَصِرْهُنَّ). [إذ كانتا لغتين](٤) معروفتَين بمعنًى واحدٍ، غيرَ أن الأمرَ وإن كان كذلك، فإن أحبَّهما إليَّ أن أقرأَ به: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ بضمِّ الصادِ؛ لأنها أعلَى اللغتيَن وأشهرُهما، وأكثرهما في أحياءِ العربِ.
وقد تأوَّلُ قولَه: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾. أنه بمعنى: ضُمَّهنَّ إليك. مِن أهلِ التأويلِ نفر قليلٌ.
(١) ينظر البحر المحيط ٢/ ٣٠٠. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥١١ عقب الأثر (٢٧٠٨)، مِن طريق عمرو بن حماد به. (٣) ينظر تفسير القرطبي ٣/ ٣٠١، والبحر المحيط ٢/ ٣٠٠. (٤) في م: "أن كانت اللغتان".