للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا ينكر أحد على السلطان إلا وعظاً، وتخويفاً، أو تحذيراً من العاقبة في الدنيا والآخرة فيجب. كما ذكره القاضي وغيره، والمراد: ما لم يخف منه بالتحذير والتخويف، وإلا سقط. ولا ينكر على غير مكلف إلا تأديباً له وزجراً. قال ابن الجوزي: «المنكر أعم من المعصية، وهو أن يكون محذوراً الوقوع في الشرع، فمن رأى صبياً يشرب الخمر فعليه أن يريقه أو يمنعه منه» (١).

(وَيُسَنُّ) الجهاد إذا كانَ (مَعَ قِيَامِ مَنْ يَكْفِي بِهِ) أي: بالجهاد، ومعنى الكفاية هنا: نهوض قوم يكفون في قتالهم، إما أن يكونوا جنداً لهم دواوين من أجل ذلك - أي: لهم معين من الديوان - أو يكونَ أعدُّوا أنفسهم للجهاد تبرعاً بحيث إذا قصدهم العدو حصلت المنعة لهم، ويكونُ في الثغور (٢) من المجاهدين من يدفع العدو عنها. ويبعثُ الإمامُ في كلِّ سنةٍ جيشاً يُغيرون على العدو في بلادهم. ويجب الجهاد إذا حضر صف القتال، أو حُصِرَ بلد بعدو، أو احتيج إليه، أو استنفره الإمام حيثُ لا عذر له؛ لقوله تعالى: ﴿إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا﴾ [الأنفال: ٤٥]، ولقوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [التوبة: ٣٨]. وإن نودي «الصلاةُ جَامِعَةً» لحادثة شاورهم فيها، لم يتأخر عن الحضور أحدٌ بلا عذر.


(١) نقله عنه ابن مفلح في آدابه. انظر: الآداب الشرعية ١/ ٢٠٨.
(٢) الثغر: ما يلي دار الحرب، وكل موضع يخاف منه هجوم العدو، فهو كالثلمة في الحائط يخاف هجوم السارق منها، والجمع: ثُغور. انظر مادة: (ثغر)، المحكم ٥/ ٢٨٥، المصباح المنير ٧٧، المطلع ٩٧.

<<  <   >  >>