حتى يصلي الفجر، وإنْ جاءَ مزدلفة بعد الفجر فعليه دم؛ لتركه الواجب. وإن دفع - غيرُ رعاةٍ وسُقاة - قبل نصف الليل فعليه دم إن لم يعد إليها قبل الفجر. فإذا أصبح صلى الصبح بغلس (١) أول وقتها، ثم يأتي المشعر الحرام (٢)، فيرقى عليه مع الإمكان، وإلا وقف عنده، ويحمد الله تعالى، ويهلِّلُه، ويكبره، ويدعو، ويقول: «اللَّهُمَّ كَمَا وَقَفْتَنَا فِيْهِ وَأَرَيْتَنَا إِيَّاهُ فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِكَ كَمَا هَدَيْتَنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا بِقَوْلِكَ - وَقَوْلُكَ الحَقُّ -: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٨ - ١٩٩]. ثم لا يزال يدعو إلى أنْ يُسْفِرَ جداً.
[فصل]
ثم يدفع قبل طلوع الشمس إلى منى بسكينة فإذا بلغ وادي مُحَسِّر أسرع قدر رمية حجر؛ لفعله ﷺ(٣). ويكون ملبياً إلى أن
(١) الغلس: ظلمة آخر الليل، وأول الصبح حتى ينتشر في الآفاق، وهما سواد مختلط ببياض وحمرة. انظر مادة (غلس)، الصحاح ٣/ ٩٥٦، لسان العرب ٦/ ١٥٦. (٢) اختلف العلماء في تعيينه، بين مزدلفة وجبل قزح. انظر: أخبار مكة ٤/ ٣١٩، تحصيل المرام ١/ ٤٦١. (٣) في حديث جابر ﵁ الطويل المتقدم تخريجه.