من الفقر (١) وأما قوله تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ [البلد: ١٦]، وهو المطروح على التراب؛ لشدة حاجته. فأجيب عنه: بأنه يجوز التفسير عن الفقير بالمسكين مطلقاً.
(الثاني: المسكين، وهو من يجد نصفها) أي: نصف الكفاية (أو أكثرها) أي: أو يجد أكثر من نصفها من كسب، أو غيره.
ومن ملك نصاباً فأكثر، وكان لا يقوم بكفايته وكفاية عياله، فليس بغني، فيأخذ تمام كفايته من الزكاة. قال الإمام أحمد: «لو كان له ضيعة (٢)، أو عقار يستغلها عشرة آلاف فأكثر، لا يكفيه، يأخذ من الزكاة».
فيعطيان (٣) تمام كفايتهما، مع عائلتهما، سنة كاملة.
وإن تفرغ لطلب العلم الشرعي من له قدرة على التكسب، وتعذر الجمع بينهما، أعطي من الزكاة، لا إن تفرغ للعبادة؛ لأن نفعها مقصور عليه، بخلاف العلم؛ لأن نفعه عام؛ لأن الغنى في باب الزكاة نوعان:
نوع يوجبها، ونوع يمنعها. والغنى هنا ما يحصل به الكفاية، فإذا لم يكن محتاجاً، حرمت عليه الزكاة، وإن لم يملك شيئاً. وإن
= وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة» رواه الترمذي برقم (٢٣٥٢)، وقال: «حديث غريب». (١) عن أبي بكرة ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «اللهم أعوذ بك من الكفر، والفقر، وعذاب القبر» رواه أبو داود برقم (٥٠٩٠)، والنسائي برقم (١٣٤٧). (٢) الضَّيْعَة: الأرض المغلة. انظر: لسان العرب ٨/ ٢٣٠، مادة: (ضيع). (٣) أي: الفقير والمسكين.