للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شروطه، إلا بعد اختباره، بامتحانه بما يليقُ بهِ، ويُعلم رشده. فإنْ كان من أولاد التجار؛ بأن يتكرر منه البيع والشراء، فلا يُعْبَنُ - غالباً - غبناً فاحشاً، ويحفظ ما بيده من صرفه فيما لا ينبغي. وإن كان من أولاد المزارع؛ بما يتعلق بالزراعة، والقيام على العمال، ونحو ذلك. وإن كانَ مِنْ أولادِ أهلِ الحِرَف؛ بما يتعلق بحرفته. ويختبر ابن الريس، والصدر الكبير، وابن الكاتب - الذينَ يُصانُ أمثالهم عن الأسواق - بدفع النفقة إليه مدةً، فإن صرفها في مصارفها ومواقعها، واستوفى على وكيله فيما وُكِّلَ فيهِ، واستقصى عليه، دل ذلك على رشده، فيُعطى ماله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وإِنْ نُوزع في الرشد، فشهد شاهدان، قُبِلَ؛ لأنه قد يعلم بالاستفاضة. ومع عدمها له اليمين على وليه أنه لا يعلمُ رشده».

وتختبر الأنثَى بدفعِ كَتَّانٍ، أو قطن؛ لغزله، وشراء ذلك، وبحفظ الأطعمة من الهرّ، وغيرِه. فإن وُجد ذلك فهي رشيدة.

ووقت اختبار الصغير قبل البلوغ؛ لقوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٦]، فبتسميتهم يتامى دلَّ على أنه قبل البلوغ، ومَدَّ اختبارهم إلى البلوغ بلفظ «حتى»، فدل على أنه قبله، ولأن تأخيره إلى البلوغ يفضي إلى الحجر على البالغ الرشيد؛ لكونه ممتداً حتّى يختبر ويُعلَم رشده. ولا يختبر إلا المراهق المميز، الذي يعرفُ البيع والشراء، والمصلحة والمفسدة. وما أبيع وما اشتري وقت الاختيار فصحيح؛ لقوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٦]، ولا يأمرُ بغير الصحيح.

<<  <   >  >>