ينفك إلا به، كحجرِ الفَلس. وقد يفرق بينه وبين الحجر لفلس - حيث قالُوا: ينفك عنه الحجر بوفاء الدين بلا حاكم -: بأنَّ زوال السفه ونحوه يحتاج إلى نظر واجتهاد، فافتقر إلى الحاكم، بخلاف أداء الدين. على أنَّ الدين - مستَحَقَّاً - يبرهن عليه، بخلاف حجرِ السفيه، فإنه لحظ المحجور عليه، فتوقف على نظرِ الحاكم. ﴿وَدُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ﴾؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَاهُمْ﴾ [النساء: ٦]. ويستحبُّ أن يكون الدفع بإذن حاكم، وببينةٍ بالرُّشدِ وبالدفع؛ ليأمن تبعة ذلك. (لا) أي: لا ينفك الحجرُ عنه (قَبْلَ ذَلِكَ) أي: قبل البلوغ أو العقل، مع الرشد (بِحَالٍ)، ولو صار شيخاً.
أحدها: ما ذكره بقوله: (إِمَّا بِالْإِمْنَاءِ) يقظة بجماع، أو مناماً باحتلام، أو غير ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَذِنُوا﴾ [النور: ٥٩]. قال ابن المنذر:«أجمعوا على أنَّ الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل»(١).
الثاني: ما ذكره بقوله: (أَوْ بِتَمَامِ) أي: استكمال (خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً)؛ لما رواه ابنُ عمر قال:«عُرِضْتُ على النبي ﷺ يوم أحُدٍ وأنا ابنُ أربَعَ عشرةَ فلَم يُجِرْنِي، وعُرضْتُ عليهِ وأَنَا ابْنُ خَمْسَ عشرة سنَةً فَأجازني». متفق عليهِ (٢). وفي رواية البيهقي: «فلم
(١) نقله عنه الموفق في المغني ٦/ ٥٩٧. (٢) أخرجه البخاري برقم (٢٦٦٤)، ومسلم (١٨٦٨).