للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُمهل بقدر إمكانِ اقتراض، ونحوه؛ لأنهُ: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]. فإن خاف هربه احتاط بملازمته، أو كفيل (١).

وإن طلب المدين أن يرسم عليهِ (٢) حتى يفعل ذلك، وجبَتْ إجابته إليه، ولم يجز منعه من ذلك بحبسه، وكذا إذا طلب محبوس ذلك.

(وَإِنْ مَطَلَهُ المَدِينُ حَتَّى شَكَاهُ) ربُّ الدين، (وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُهُ بِوَفَائِهِ، فَإِنْ أَبَى) المدينُ الوفاء (حَبَسَهُ) الحاكم؛ لحديث عمرو بن الشريد، عن أبيه، مرفوعاً: «لَيُّ الْوَاحِدِ ظُلْمُ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوْبَتَهُ». رواه أحمد (٣). قال أحمد: «قال وكيع: عرضه شكواه، وعقوبته: حبسه».

قال في المغني: «إِذَا امتنع الموسرُ مِنْ قضاء الدين، فلغريمه ملازمته، ومطالبته، والإغلاظ عليه بالقول، فيقول: يا ظالم، يا معتدي، ونحوه؛ للخبر، وحديثِ: «إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً (٤)»».

تنبيه: قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: «وَلَا يجب حبسه في مكان معين، بل المقصُودُ: منعه من التصرف، حتَّى يؤدي الحق، فيُحبس، ولو في دار نفسه، بحيثُ لا يمكنُ منَ الخروج».

(وَلَا يُخْرِجُهُ) مِنَ الحبس (حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ) أي: حاله. (فَإِنْ كَانَ) تبينَ حاله بأنهُ (ذُو عُسْرَةٍ، وَجَبَتْ تَخْلِيَتُهُ) أي: إطلاقه، (وَحَرُمَتْ مُطَالَبَتُهُ) وملازمته، (وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ مَا دَامَ مُعْسِراً)؛


(١) انظر: منتهى الإرادات ١/ ٣٠٥.
(٢) الترسيم عليه: بمعنى مراقبته. انظر: حاشية الإقناع ٢/ ٢٠٨.
(٣) أخرجه في المسند برقم (١٧٩٤٦)، وأبو داود برقم (٣٦٢٨).
(٤) أخرجه البخاري برقم (٢٤٠١)، ومسلم برقم (١٦٠١).

<<  <   >  >>