ومن قال لآخر: اشترني من فلانٍ؛ فإنّي عبده، فظهر حراً؛ فإن أخذ القائل شيئاً استخلص منه، وإلا لم يلزمه ما أخذه البائع، ويطالب البائع بما أخذه، وأُدِّبَ القائلُ والبائعُ. وإن كانتِ القائلةُ أمة ووطئها المشتري حُدَّتْ؛ لكونها حرةً، وأقرَّتْ عَلى ذلك، ولا مهر لها، ويلحق الولد بمشتر؛ لأنه وطء شبهةٍ.
ومن باع شيئاً بثمن نسيئة أو بثمن حال لم يقبض، ثم إن البائع اشتراه بنقد أو نسيئةٍ من جنس الأول بأقل مما باعه، حرم ولم يصح الشراء. ولا يصح العقد الأولُ إن قصد به الشراء ثانياً؛ لأنه وسيلة إلى الربا وتسمى هذهِ:«مسألةُ العِينَةِ»، وعكسها كذلك. وإن اشتراه أبوه، أو ابنه، أو وكيله، ونحوه صح، ما لم يكن حيلةً.
تنبيه: قال شيخ الإسلام - الشيخ تقي الدين ابن تيمية -: «ويَحرُمُ علَى صاحِبِ الدِّينِ أَنْ يمتَنِعَ من انتظار المعسر حتَّى يقلب عليه الدين. ومتى قال للمعسرِ: إِمَّا أن تقلب وإِمَّا أن تَقُومَ معي إلى الحاكِمِ وخَافَ أن يحبِسَهُ الحاكم - لعدم ثبوتِ إعساره عنده وهو معسر - فقَلَبَ على هذَا الوَجْهِ كانت هذه المقَابَلَةُ حراماً غير لازِمَةٍ بِاتِّفَاقِ المسلمِينَ؛ فإنَّ الغَرِيمَ مُكرَهُ عليها بغيرِ حَقٌّ. ومَنْ نَسبَ جَوازَ القَلْبِ على المعْسِرِ بِحِيلَةٍ مِنَ الحِيلِ إِلى مذْهَبِ بَعْضِ الأَئِمَّةِ فقدْ أخْطَأَ في ذلك وغلط، وإنما تَنازَعَ الناسُ في المعَامَلاتِ الاختيَارِيَّةِ مثلِ التَّورُّقِ والعِينَةِ». انتهى (١). وهذا ظاهر.