فإذا طلعت الشمس سار إلى نمرة - موضع بعرفة - وأقام إلى الزوال، يخطب بها إمام أو نائبه - ندباً - خطبة قصيرة، يفتتحها بالتَّكبيرِ، يعلِّمُهم فيها الوقوف، ووقته، والدفع منه، والمبيت بمزدلفة، وغير ذلك. ثمَّ يصلّي الظهر والعصر جمعاً من يباح له الجمع (١)، بأذان وإقامتين؛ لفعله ﷺ(٢). ثم يأتي عرفة للموقف، ويغتسل له استحباباً، ويقف مستقبل القبلة، راكباً، ندباً لفعله ﷺ(٣)، وفي الانتصار ومفردات أبي يعلى الصغير (٤): أفضلية المشي في الحج على الركوب. وهو ظاهر كلام ابن الجوزي (٥) في
(١) من يباح له الجمع: هو من بينه وبين وطنه مسافة القصر. انظر: المستوعب ١/ ٥٨٥، المحرر ١/ ٢٤٦، منتهى الإرادات ١/ ٢٠٢. (٢) في حديث جابر الطويل وفيه قال: «ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئاً». أخرجه مسلم برقم (١٢١٨). (٣) جاء في حديث جابر ﵁ الطويل المتقدم تخريجه أنه قال: «ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ». (٤) أبو يعلى الصغير هو: محمد بن محمد بن محمد ابن الحسين بن محمد القاضي الصغير (٤٩٤ - ٥٦٠ هـ). برع في المذهب والخلاف والمناظرة. من تصانيفه: «التعليقة في مسائل الخلاف والمفردات» و «شرح المذهب». انظر: المنهج الأحمد ٣/ ١٧٣، تسهيل السابلة ٢/ ٦٠٢، المقصد الأرشد ٢/ ٥٠٠. (٥) هو: أبو الفرج، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي البكري القرشي (٥١٠ - ٥٩٧ هـ). كان عالماً في فنون كثيرة، واشتهر بالوعظ وتفرد في أسلوبه وطريقته وشكله. صاحب التصانيف الكثيرة، منها: «زاد