"ما أحسنه مُقبلًا"، أو صفة تُشبه الفِعْل الجامِد، وهو اسمُ التفضيل، نحو:"هو أفصَحُ النّاس خَطيبًا"، أو مَصْدَرًا، نحو:"أعجَبني اعتكافُ أخيك صَائمًا"، أو اسم فِعْل، نحو:"نِزال مُسرعًا"، أو لفظًا مُضَمّنًا معنى الفِعْل دون حُروفه، نحو:{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً}[النمل: ٥٢]، أو يكون العَامِل عَرَضَ له مانعٌ، نحو:"لأصبر مُحتَسبًا" و"لأعتكفنّ صَائمًا"؛ فإنّ مَا كَان في حيز "لام الابتداء" أو "لام القَسَم" لا يتقَدّم [عليها](١).
ويُستثنى من "أفعَل التفضيل": مَا كَان عَامِلًا في حَالين أحدهما [مُفَضّلة](٢) عن الأخْرى؛ فإنه يجب تقديم الحال الفَاضِلة، كـ "هذا بُسرًا أطيب منه رُطبًا"، وقولك:"زيد مفردًا أنفع من عمرو مُعَانًا".
ويُستثنى مِن المضَمّن معنى الفِعْل دون حُروفه: أنْ يكُون ظَرفًا أو مجرورًا مخبرًا بهما؛ فيجُوز بقِلَّة توسُّط الحال بين المخبر عنه والمخبر به، [كقراءة](٣) الحسَن: "وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٍ بِيَمِينِهِ"(٤)، وهو قولُ الأخْفَش. (٥)
إذا ثبت ذلك: فمَسْألتنا من هَذا القِسْم الجائِز بقِلّة؛ لأنّ "هُو" مُبتدأ، و"في المسْجد" خَبره، و"مُعْتكفًا" حَالٌ مِن ضَمير مُتعَلّق بحَرْف الجرّ، فتقَدّمه في قَولك:"هُو مُعتَكِفًا في المسْجِد"، كقَوله تَعَالى:"وَالسَّمَوَاتُ مَطْويَّاتٍ بِيَمِينِهِ" على قراءَة
(١) غير واضحة بالأصل. ولعلها: "عليهما". والمثبت من (ب). (٢) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "منفصلة". (٣) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب). (٤) من سورة [الزمر: ٦٧]. وقد قرأ بها - أي: بكسر التاء المنوّنة في "مطويات" - عيسى بن عُمر، وكذا قرأ الجَحدَريُّ. والنّاس على رَفعها. انظر: تفسير ابن عَطيّة (٤/ ٥٤١)، فتح القدير للشّوكاني (٤/ ٥٤٥). (٥) انظر: أوضح المسالك (٢/ ٢٧١ وما بعدها)، شرح الأشموني (٢/ ٢١)، شرح التصريح (١/ ٥٩٤ وما بعدها).