من هذا ما قيل في قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: "ماتَ حَتْفَ أنْفِه"(١)، فإنّ "حَتْف" مصْدَر، والناصبُ له "مات"؛ لأنه من معناه، لأنَّ "الموت" و "الحتف" واحد.
ومعنى "مات حتف أنف": [أنْ أُميت](٢) على فراشه من غير قتل، يتنفس حتى ينقضي رمقه، فروحه تخرُج بتتابع نَفسه. وخصّ "الأنف" بذلك: لأنَّ الرّمق من جهته ينقضي. (٣)
***
وتظهر هنا فائدة، وهي أنّ النهي عن بسْط الذراعين حَصَل بقوله:"لا يبسط أحدكم ذراعيه"، فلما قال:"انبساط الكلب"، وهو مصدر "انبسط"، فكأنّه قال:"لا ينبسط في سُجوده انبساط الكلب"، ففي الحديث إيماء [إلى معنيين](٤) مكروهين، أحدهما: بسط الذراعين، والآخر: بسط ظهره على فخذيه؛ فمصدر "يبسط، بسطًا" صُرف للذراعين، وفعلُ "انبساط" مصروفٌ إلى ما يقتضيه مَصْدَره، وهو الهيئة كُلّها.
ويجوزُ رفعُ "يبسط" على أنَّه خَبر في معنى النّهي، وهو أبْلَغُ.
= انظر: ديوان امرِئ القيس (ص ٣٢)، جمهرة أشعار العرب (ص ١١٣، ١٢١)، شرح المعلقات السبع للزوزني (ص ٤٤، ٤٥)، همع الهوامع (٢/ ٩٩ وما بعدها). (١) رواه أحمد في "المسند" (٤/ ٣٦/ برقم ١٦٤٦١، ط قرطبة) من حديث عبد الله بن عتيك. ورواه عنه أيضًا الحاكم في "المستدرك"، (٢/ ٨٨/ برقم ٢٤٤٥، الطبعة الهندية) وصحَّحه، ووافقه الذهبي. (٢) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب). (٣) انظر: الفائق في غريب الحديث والأثر للزمخشري (١/ ٢٥٩)، المصباح (١/ ١٢٠)، القاموس المحيط (ص ٧٩٨)، لسان العرب لابن منظور (٩/ ٣٨)، المحكم والمحيط الأعظم (٣/ ٢٧٥)، تاج العروس (٢٣/ ١١٥). (٤) في (ب): "بمعنيين".