مُحْتاجُون فلا يُسْتَحَبُّ له أن يُوصِيَ؛ لأنَّ الله تعالى قال في الوَصِيَّةِ:{إِنْ تَرَكَ خَيرًا الْوَصِيَّةُ}. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لسَعْدٍ:«إنَّكَ أنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أغْنِياءَ، خَير مِنْ أنْ تَدَعَهُمْ عالةً يَتَكَفَّفُونَ النّاسَ»(١). وقال:«ابْدَأ بنَفْسِك، ثم بمَن تَعُولُ»(٢). وقال عَلِيٌّ، رَضِيَ الله عنه، لرجل أرادَ أن يُوصِيَ: إنَّكَ لم تَدَعْ طائِلًا، إنَّما تَرَكْتَ شيئًا يَسِيرًا، فدَعْه لوَرَثَتِك. ورُوِيَ عنه أنَّه قال في أرْبَعِمائةِ دِينارٍ: ليس فيها فَضْل عن الوارِثِ. ورُوِيَ عن عائشَةَ، رَضِيَ الله عنها، أنَّ رجلًا قال لها: لي ثلاثةُ آلافِ دِرْهَم، وأرْبَعةُ أولادٍ، أفأوصِي؟ فقالت: اجْعَلِ الثَّلاثةَ للأرْبَعَةِ (٣). وعن ابنِ عباس قال: مَن تَرَكَ سَبْعَمائةِ دِرْهَم ليس عليه وَصِيَّة (٣). وقال عُرْوَةُ: دَخَل عَلِيٌّ على صَدِيقٍ له يَعُودُه، فقال الرجلُ: إنِّي أريدُ أن أوصِيَ. فقال له عليٌّ: إنَّ الله تعالى يقولُ: {إِنْ تَرَكَ خَيرًا} وإنَّك إنَّما تَدَعُ شيئًا يَسِيرًا، فدَعْه لوَرَثَتِكَ (٣). واخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في القَدْرِ الذي لا تُسْتَحَبُّ الوَصِيَّةُ
(١) تقدم تخريجه في ١١/ ٣٤٣. من حديث: «والثلث كثير». (٢) تقدم تخريجه في ٦/ ٣٤٠. (٣) انظر ما أخرجه البيهقي، في: باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا. . . .، من كتاب الوصايا. السنن الكبرى ٦/ ٢٧٠.