لم يَأْتِ عَرَفةَ حتى غابَتِ الشمسُ، ولم يُدْرِكْ جُزْءًا مِن النَّهارِ، فوَقَفَ بها لَيْلًا، فقد تَمَّ حَجُّه، ولا شئَ عليه. لا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا؛ لقولِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «مَنْ أدْرَكَ عَرَفَاتٍ بِلَيْلٍ، فَقَدْ أدْرَكَ الحَجَّ»(١). ولأنَّه لم يُدْرِكْ جُزْءًا مِن النَّهارِ، فأشْبَهَ مَن مَنْزِلُه دُونَ المِيقاتِ إذا أَحْرَمَ منه.
١٢٩٠ - مسألة:(ثم يَدْفَعُ بعدَ غُرُوبِ الشمسِ إلى مُزْدَلِفَةَ، وعليه السَّكِينَةُ) والوَقارُ (فإذا وَجَد فَجْوَةً أسرعَ) لقَوْلِ جابِرٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، في حَدِيثِه: فلم يَزَلْ واقِفًا حتى غَرَبَتِ الشمسُ وذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حتى غابَ القُرْصُ، فأرْدَفَ أسامَةَ خَلْفَه، ودَفع رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد شَنَق القَصْواءَ بالزِّمامِ، حتى إنَّ رَأسَها ليُصِيبُ مَورِكَ رَحْلِه، ويقول بيَدِه اليُمْنَى:«أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ»(٢). وقال أُسامَةُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسِيرُ العَنَقَ (٣)، فإذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. يَعْنِى أسْرَعَ. قال هِشامٌ: النَّصُّ فوقَ العَنَقِ. مُتَّفَقٌ عليه (٤).
(١) تقدم تخريجه في صفحة ١٧١. (٢) تقدم تخريج حديث جابر في ٨/ ٣٦٣. (٣) العنق: ضرب من السير فسيح سريع. (٤) أخرجه البخارى، في: باب السير إذا دفع من عرفة، من كتاب الحج، وفى: باب السرعة في السير، من كتاب الجهاد، وفى: باب حجة الوداع، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٢/ ٢٠٠، ٤/ ٧٠، ٥/ ٢٢٦. ومسلم، في: باب الإفاضة من عرفات. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٣٦ =