١٧٧٢ - مسألة:(وهو وَثِيقَةٌ بالحَقِّ) الرَّهْنُ في الشَّرْعِ؛ المالُ الذي يُجْعَلُ وَثِيقَةً بالدَّين؛ ليُسْتَوْفَى مِن ثَمَنِه إن تَعَذَّرَ اسْتِيفاؤُه مِن ذِمَّةِ الغَرِيمِ. وهو جائِزٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْماعِ. قال اللهُ سبحانَه وتعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}(١). ورَوَتْ عائِشَةُ، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى مِن يَهُودِيٍّ طَعامًا، ورَهَنَه دِرْعَه. مُتَّفَقٌ عليه (٢). وعن أبي هُرَيرَةَ، رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال:«لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ»(٣). وأجْمَعَ المُسْلِمُون على جَوازِ الرَّهْنِ في الجُمْلَةِ.
فصل: ويَجُوزُ الرَّهْنُ في الحَضَر كجَوَازِه في السَّفَرِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا نَعْلَمُ أحَدًا خالفَ في ذلك، إلَّا مُجاهِدًا، قال: ليس الرَّهْنُ إلَّا في السَّفَرِ؛ [لأنَّ اللهَ تعالى شَرَط السَّفَرَ (٤) في الرَّهْنِ بقَوْلِه] (٥) تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}. ولَنا، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى مِن يَهُودِيٍّ طَعامًا ورَهَنَه دِرْعَه، وكانا بالمَدِينَةِ. ولأنَّها وَثِيقَةٌ تَجُوزُ في السَّفَرِ، فجازَت في الحَضَرِ، كالضَّمانِ. فأمّا ذِكْرُ السَّفَرِ،
(١) سورة البقرة ٢٨٣. (٢) تقدم تخريجه في ١١/ ٨٧. (٣) تقدم تخريجه في ١١/ ٢٥٠. (٤) سقط من الأصل. (٥) في م: «لقوله».