الكَعْبَين في الغَسْلِ، قِياسًا على المِرْفَقَين. والكَعْبان هما العَظْمان النّاتِئان اللَّذان في أسْفَلِ السّاقِ مِن جانِبَيِ القَدَمِ، وحُكِيَ عن محمدِ بنِ الحسنِ (١)، أنَّه قال: هُما في مُشْطِ القَدَم، وهو مَعْقِدُ الشِّراكِ مِن الرِّجْلِ، بدَليلِ أنَّه قال:{إِلَى الْكَعْبَينِ}(٢). فدَلَّ على أنَّ في الرِّجْلِ كَعْبَين لا غيرُ، ولو أرادَ ما ذَكَرْتُمْ، كانت كِعابُ الرِّجْلَين أرْبَعَةً. ولَنا، أنَّ الكِعابَ المَشْهُورَةَ هي التي ذَكَرْنا، قال أبو عُبَيدٍ: الكَعْبُ هذا الذي في أصْلِ القَدمِ، مُنْتَهَى السّاقِ إليه، بمَنْزِلَةِ كِعابِ الْقَنا. ورُوِيَ عن النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ، قالْ: كان أحَدُنا يُلْزِقُ كَعْبَه بكَعْبِ صاحِبِه في الصلاةِ. رَواء الخَلَّالُ (٣). وقوله:{إِلَى الْكَعْبَينِ}. حُجَّةٌ لَنا، فإنَّه أرادَ كلَّ رِجْلٍ تُغْسَلُ إلى الكَعْبَين، ولو أرادَ كِعابَ جَمِيعِ الأرْجُلِ، لَذَكَرَه بلَفْظِ الجَمْعِ، قال:{إِلَى الْمَرَافِقِ}.
(١) أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، صاحب الإِمام أبي حنيفة، وناشر علمه، صاحب المؤلفات الفائقة، توفي سنة سبع وثمانين ومائة. الجواهر المضية ٣/ ١٢٢ - ١٢٧. (٢) سورة المائدة ٦. (٣) وأخرجه أبو داود، في: باب تسوية الصفوف، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٥٣. والدارقطني، في: باب الحث على استواء الصفوف، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٢٨٢، ٢٨٣. والبيهقي، في: باب إقامة الصفوف وتسويتها، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ٣/ ١٠٠، ١٠١. (٤) كذا بالأصل، وفي متن المقنع: «أصابعه».