أجْمَعَ أهلُ العلمِ على إجازةِ العَفْوِ عن القِصاصِ، وأنَّه أفْضَلُ. والأَصْلُ في ذلك الكِتابُ والسُّنَّةُ والإِجْماعُ؛ أمّا الكتابُ، فقولُه تعالى -في سِيَاقِ قولِه:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} - {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}(١). وقال تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}. الآية إلى قولِه:{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}(٢). قيل في تَفْسيرِه: فهو كَفّارَة للجاني بعَفْو صاحبِ الحَقِّ عنه. وقيل: فهو كَفّارَة للعافى بصَدَقَتِه. وأمَّا السُّنَّةُ، فإنَّ أنَسَ بنَ مالكٍ، قال: ما رَأْيتُ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رُفِع إليه شئٌ فيه قِصاصٌ، إلَّا أَمَرَ فيه بالعَفْوِ. رَواه أبو داودَ (٣). وفى حَدِيثه في قِصَّةِ
(١) سورة البقرة ١٧٨. (٢) سورة المائدة ٤٥. (٣) في: باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، من كتاب الديات. سنن أبى داود ٢/ ٤٧٨. كما أخرجه النسائى، في: باب الأمر بالعفو عن القصاص، من كتاب القسامة. المجتبى ٨/ ٣٣، ٣٤. وابن ماجه، في: باب العفو في القصاص، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٩٨. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٢١٣، ٢٥٢.