فصل: قال رَحِمَه الله: (والوَصِية مُسْتَحبة لمَن تَرك خَيرًا -وهو المالُ الكَثِير- بخمْسِ مالِه، وتكْرَهُ لغيرِه إن كان له وَرَثَة) وجملة ذلك، أن الوَصيةَ مسْتَحَبة لمَن تَرَك خَيرًا؛ لقولِ الله تعالى:{كُتِبَ عَلَيكمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكم الْمَوْتُ إن تَرَكَ خَيرًا الوَصِيَّة}(١). فنسِخَ الوجُوب، وبَقِيَ الاسْتِحْباب في حَقِّ مَن لا يَرِثُ. وروَى ابن عُمَرَ قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَا ابْنَ آدَمَ، جَعَلْت لَكَ نَصِيبًا مِن مالِكَ حِينَ أخَذْت بكَظَمِكَ (٢) لأطَهِّرَكَ وأزَكِّيَكَ». وعن أبي هريرَةَ قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله تَصَدقَ عَلَيكمْ عِنْدَ وَفَاتِكمْ بِثلُثِ أمْوالِكمْ». رَواهما ابن ماجه (٣). وقال الشعْبِي: مَن أوْصَى بوَصِيةٍ فلم يَجرْ ولم يَحِفْ، كان له مِن الأجْرِ مثلُ ما لو أعْطاها وهو صحيح. فأمّا الفَقِير الذي له وَرَثَةٌ
(١) سورة البقرة ١٨٠. (٢) الكظم: مخرج النفس. (٣) الأول في: باب الوصية بالثلث، من كتاب الوصايا. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٠٤. وفي الزوائد: في إسناده مقال. والثاني تقدم تخريجه في صفحة ١٢٣.