جيِّدَ الحُدَاءِ، وكان مع الرِّجالِ، وكان أنْجَشَةُ مع النِّساءِ، فقال النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - لابنِ رَوَاحَةَ:«حَرِّكْ بِالْقَوْمِ». فانْدَفَعِ يُنْشِدُ، فتَبِعَه أنْجَشَةُ، فأعْنَقَتِ الإبِلُ، فقالَ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأنْجَشةَ:«رُوَيْدَكَ، رِفْقًا بِالْقَوارِيرِ»(١). يَعنى النِّساءَ. وكذلك نَشِيدُ الأعْرابِ، وهو النَّصْبُ، لا بَأْسَ به، وسائرُ أنْواعِ الإنْشادِ، ما لم يَخْرُجْ إلى حَدِّ الغِناءِ. وقد كان النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْمَعُ إنْشادَ الشِّعْرِ، فلا يُنْكِرُه. والغِناءُ، مِن الصَّوتِ، مَمْدودٌ مَكْسورٌ. والغِنَى، مِن المالِ، مَقْصورٌ. والحُدَاءُ، مَمْدودٌ مَضْمُومٌ، كالدُّعاءِ، ويَجوزُ الكَسْرُ، كالنِّداءِ.
فصل: والشِّعْرُ كالكَلامِ؛ حَسَنُه كحَسَنِه، وقَبِيحُه كقَبِيحِه. وقد رُوِىَ عن النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال:«إن مِنَ الشِّعْرِ لَحُكْمًا»(٢). وكان
(١) لم نجده عن عائشة، وأخرجه عن أنس بن مالك، البخارى، في: باب المعاريض مندوحة عن الكذب، من كتاب الأدب. صحيح البخارى ٨/ ٥٨. ومسلم، في: باب رحمة النبى - صلى الله عليه وسلم - بالنساء، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم ٤/ ١٨١١، ١٨١٢. وابن حبان، انظر: الإحسان ٧/ ٥٢٢. والإمام أحمد، في: المسند ٧/ ١٠٣، ١١٧، ١٧٢، ١٧٦، ١٨٧، ٢٠٢، ٢٠٦، ٢٢٧، ٢٥٤. وعن عمر وابن رواحة أخرجه النسائى، في: باب عبد الله بن رواحة، رضى الله عنه، من كتاب المناقب. السنن الكبرى ٥/ ٦٩، ٧٠. (٢) أخرجه البخارى، في: باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه، من كتاب الأدب، صحيح البخارى ٨/ ٤٢. وأبو داود، في: باب ما جاء في الشعر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود ٢/ ٥٩٨. والترمذى، في: باب ما جاء: إن من الشعر حكمة، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى ١٠/ ٢٨٨. وابن ماجه، في: باب الشعر، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه ٢/ ١٢٣٥، ١٢٣٦. والدارمى، في: باب في أن من الشر حكمة، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمى ٢/ ٢٩٧. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٦٩، ٢٧٣، ٣٠٣، ٣٠٩، ٣١٣، ٣٢٧، ٣٣٢، ٥/ ١٢٥. وبعده في حاشية ق: «يعنى أن من الشعر كلاما نافعا يمنع من الجهل والسفه وينهى عنهما. والله أعلم،.