فكان حقه أن يقول:"مثلا الجبلين العظيمين"، ووجهُهُ: أنَّ "مثل" تكون بمعنى الحال والصفة، والقصة والشأن، ذكره الزمخشريّ (٢) وغيرُه، فيكون التقدير هنا:"صفتُهما صفةُ الجبلين". وحذْفُ المبتدأ جائز كثير فصيح.
وقد أوجبوا حذف المبتدأ في مواضع، منها: -
إذا أُخبر عنه بنعت مقطوع لمجرد مدح، نحو:"الحمد لله الحميد"، أو ذمٍّ، نحو:"أعوذ بالله من إبليس عدو الله".
أو ترحُّم، نحو:"مررت بعبدك المسكين".
أو [مصدر](٣) جيء به بدَلًا من اللفظ بفعله، نحو:"سمعٌ وطاعةٌ"، و {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}(٤)[يوسف: ١٨]، على تقدير:"أمري".
أو لمخصوص يعمّ "نعم" أو "بئس" المؤخّر عنهما، نحو:"نعم الرجل زيدٌ"، و"بئس الرجل عمروٌ".
ومنه:"مَنْ أنت؟ زيدٌ"، أيْ:"أأنت زيدٌ؟ " عند كلامه لك.
ومنه:"في ذمتي لأفعلنَّ"، أي:"في ذمَّتي ميثاقٌ أو عهدٌ"(٥).
(١) عجز بيت من البسيط، وهو لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، وقيل: هو لكعب بن مالك، وصدره: "مَنْ يَفْعَل الحَسَناتِ اللهُ يَشْكُرُها". انظر: المعجم المفصل (٨/ ١٨٢)، ونواهد الأبكار وشوارد الأفكار (٢/ ٣٧٠). (٢) انظر: الكشاف (١/ ٧٢، ٧٣). (٣) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "بمصدر". (٤) بالنسخ: "صبر". (٥) انظر: شرح التسهيل (١/ ٢٨٧، ٢٨٨)، وأوضح المسالك (١/ ٢١٤ - ٢١٦)، وشرح التصريح (١/ ٢٢١ - ٢٢٣).