تعالى:{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ}[التوبة: ٤٠]، و {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤]؛ فالجوابُ محذوف؛ لأنّ الشرط يقتضي الاستقبال في فعله وجَوابه، فلو وَقَع بعده فعل مَاض [قلبه](١) الشّرط مُستقبلًا. فلو قلت:"إن قام زيد أكرمته"، و"من قام أكرمته"، انقلب المعنى إلى الاستقبال، يصح الجواب؛ لمطابقته معنى الشّرط (٢).
قال أبو حيّان: ومنه {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ}[البقرة: ٢٦٩]، الجواب:"فقد أوتي"؛ لأنّ معناه الاستقبال (٣).
قلت: ولو جاء ههنا: "مَن يصلي صَلاتنا وينسك" علمنا أنّ الماضي بمعنى المستقبل؛ فيصحّ جوابًا، ولكنهما جاءا ماضيين؛ فوَجَب تقدير الجواب، لما تقدّم.
ولو جاء الأول مستقبلًا والثاني ماضيًا معنى: لم يصحّ جَوابًا، كقوله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤].
ولو كان فعل الشرط "كان": فاختلف فيها: فقيل: تنقلب إلى الاستقبال. وقيل: لا تنقلب؛ لأنها خرجت عن الأفعال بعدم التصرّف (٤)، وقد تقدّم ذلك مُستوعبًا في الحديث السّابع من "الجنابة".
قوله:"فلا نُسك له": جملة اسمية منفيّة بـ "لا".
و"لا" لنفي المستقبل (٥)، فلا يقَع موقعها "ما"؛ لأنّ "ما" لنفي
(١) في النسخ: "قبله". ولا يستقيم المعنى إلا بالمثبت. (٢) انظر: البحر المحيط (١/ ٣٦٨)، (٢/ ٦٨٥)، (٥/ ٤٢٠، ٤٢١)، والكشاف (٢/ ٢٧٢)، همع الهوامع (٢/ ٥٥١، ٥٥٢). (٣) انظر: البحر المحيط (٢/ ٦٨٥). (٤) انظر: تفسير القرطبي (٩/ ١٧٤)، شرح التسهيل (٤/ ٩٢، ٩٣). (٥) انظر: تفسير ابن عرفة (٢/ ١٩٥)، المفصل (ص ٤٠٦)، شرح المفصل (٥/ ٣٣).