وجملة "أدركته الصَّلاة": تقَدّم أَنَّهُ فعلُ الشّرط، وأنه في محلّ الخبر. وتقدّم قريبًا حُكمُ الشّرط وجَوابه. ويحتمل أن يكُون الخبرُ:"فليُصَلّ"، وفيه بُعْد؛ لأنه طلب؛ ولأنّ "الفاء" تمنع من ذلك، فيُقدَّر:"أيّما رَجُلٌ أَدْرَكَتْه الصّلاة صَلّاها"، وسياقُ الكَلام يدُلّ على ذلك.
قال بعضهم: يُقَدّر الخبر فيما فرضه الله أو نبيه: "أيّما رجُلٌ أدركته الصّلاة"، كما قُدِّر في قولِه تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]. (١)
وظاهرُ كلامه أَنَّهُ لا يجوزُ أن تكون جملة "أدركته" الخبر؛ لأنَّها ليست محلًّا للفائدة؛ ولأنّ التقدير:"أيّما رَجُل مُدركٌ للصّلاة".
قلتُ: والذي قَدّمته أظهَر؛ لأنّه لو كان [الفعل](٢) مُستقبلًا لظَهر عَمَل الشرط فيه. فلو قلت:"أيّما رجُلٌ تُدركه الصّلاة فليُصَلّ" ظهر عَمل الشرط في فعله، كسائر أسماء الشّرط، ولأنّ تَعَذّر حرف الشّرط -وهو:"إنْ"- ظَاهِر في الفِعْل؛ لأنّك تقول:"أدركت رَجُلًا الصلاة فليُصلّ"، وفي الكَلام تقديرٌ لا بُدّ منه، أي:"أيّما رجُلٌ أدرَكَه أوقات الصّلاة" أو " ... فرضية الصَّلاة".
وفي جعله "الصّلاة" مُدْرَكة تنبيهٌ على أنَّ التيمّمَ لا يكونُ إلَّا عند ضيق الوقت عن طَلَب الماء أو اليَأس منه. (٣)
(١) انظر: البحر المحيط (٤/ ٢٤٩)، تفسير القرطبي (٦/ ١٦٦)، إرشاد الساري (٩/ ٤٥٨)، الإعلام لابن الملقن (٢/ ١٥٦)، الرّد على النّحاة لابن مَضَاء القرطبي (ص ٩٧)، شرح التسهيل (١/ ٣٢٩)، شرح القطر (ص ١٩٣، ١٩٤)، همع الهوامع (١/ ٤٠٣)، المدارس النحوية (ص ٦٩، ٧٤، ٣١٣). وهو منسوبٌ لسيبويه وجمهور البصريين. (٢) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "مبني". (٣) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (٤/ ٦٤)، نخب الأفكار (٢/ ١٩٨)، شرح مختصر =