قوله:"فاجتووا المدينة": أصله: "اجتوى" بواو مفتوحة، وإنما لم تقلب وإن كان قبلها فتحة؛ لأنها تدل على "الألِف"، فلو قلبت لحذفت، ولحذفها تحذف "الألف"؛ فتختلّ الكلمة، ثم دخل عليها "واو" الضّمير؛ فصار:"اجتواو"، فاجتمعت "الألف" ساكنة و"الواو" ساكنة، فحذفت "الألف"؛ لالتقاء السّاكنين، ثم حرّكت "الواو" بالضم لسكونها وسكون "اللام" التي في "المدينة".
فإن قلت: قد تحرّكت "الواو" أيضًا، وانفتح ما قبلها؛ فيجب أن تنقلب ألفًا؟
قلت: الحركة التي على "الواو" حركة عارضة ليست أصلية؛ لأنها إنما تحرّكت لالتقاء السّاكنين، ثم الحركة على الواو الأولى -وهي الفتحة- تدلّ على "الألِف" المحذوفة.
يقال:"اجتويت البلد" إذا "كرهت المقام فيها، وإن كنت في نعمة". قاله في "الصحاح". (١) و"المدينة": مفعول به.
قال ابنُ الأثير: هو مثل "الاستيخام". تقول:"اجتويت موضع كذا" إذا "استوخمته" و"كرهت المقام فيه". وهو "افتعلت" من "الجوى" الذي هو "الألم في الجوف". (٢)
قوله:"فأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم بلقاح": "أمر" يتعدّى بنفسه، ويتعدّى بحرف الجر، يقال:"أمرتك الخير" و"أمرتك بالخير".
وقد تعدّى هنا بحرف الجر. ولا يجوز أن يتعدّى إلى "لقاح" بنفسه؛ لأنّه ليس مصدرًا. والتقدير هنا:"أمر لهم بنوق لقاح".
(١) انظر: الصحاح (٦/ ٢٣٠٦). وراجع: النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٣١٨)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٥٥٨). (٢) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٣١٨).