فصل: فأَمَّا المَجُوسُ، فليس لهم كتابٌ، ولا تَحِلُّ ذَبائِحُهم، ولا نِكاحُ نسائِهم. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ عامَّةِ العلماءِ، إلَّا أبا ثَوْرٍ، فإنَّه أباحَ ذلك؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «سُنُّوا بِهِم سُنَّةَ أهْلِ الْكِتَابِ»(١). ولأنَّه يُرْوَى أنَّ حُذَيفَةَ تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً (٢). ولأنَّهم يُقَرُّونَ بالجِزْيَةِ، فأشْبَهُوا اليهودَ والنَّصارَى. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}(٣). وقولُه:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}(٤). فخصَّ (٥) مِن (٦) ذلك أهلَ الكِتابِ، فمَن عدَاهُم يَبْقَى على العُمُومِ، ولم يَثْبُتْ أنَّ للمَجُوسِ كتابًا. وسُئِلَ أحمدُ: أيَصِحُّ (٧) أنَّ للمَجُوسِ كِتَابًا؟ فقال: هذا باطلٌ. واسْتَعْظَمَه جدًّا. ولو ثَبَت أنَّ لهم كِتابًا، فقد بَيَّنَّا أنَّ
(١) أخرجه الإمام مالك، في: باب جزية أهل الكتاب والمجوس، من كتاب الزكاة. الموطأ ١/ ٢٧٨. (٢) أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى ٧/ ١٧٣، وقال: فهذا غير ثابت، والمحفوظ عن حذيفة أنه نكح يهودية. (٣) سورة البقرة ٢٢١. (٤) سورة الممتحنة ١٠. (٥) في الأصل: «فرخص». (٦) سقط من: م. (٧) بعده في المغني ٩/ ٥٤٨: «عن علي». وانظر ما تقدم في ١٠/ ٣٩٦، ٣٩٧.