قال: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِن رجلٍ، فطَلَّقَها، حتى إذا انْقَضَتْ عِدَّتُها جاءَ يَخْطُبُها، فقلتُ له: زَوَّجْتُكَ، وأَفْرَشْتُكَ، وأكْرَمْتُكَ، فطَلَّقْتَها، جِئْتَ تَخْطُبُها! لا والله لِا تَعُودُ إليك أبدًا، وكان رَجُلًا لا بَأْسَ به، وكانتِ المرأةُ تُرِيدُ أن تَرْجِعَ إليه، فأنْزَلَ الله، هذه الآيةَ:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}(١). فقلتُ: الآنَ أفْعَلُ يا رسولَ اللهِ. قال: فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ. رَواه البخاريُّ (٢).
فصل: وسَواءٌ طَلَبَتِ التَّزْويجِ بمَهْرِ مِثْلِها أو دُونِه. وبه قال الشافعيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: لهم (٣) مَنْعُها مِن التَّزْويجِ بدُونِ مَهْرِ مِثْلِها؛ لأنَّ عليهم في ذلك عارًا، وليه ضَرَرٌ على نِسائِها، لنَقْصِ مَهْرِ مِثلِهِنَّ. ولَنا، أنَّ المَهْرَ خالِصُ حَقِّها، و (٤) عِوَضٌ يَخْتَصُّ بها، فلم يَكُنْ لهم الاعْتِراضُ عليها فيه، كثَمَنِ عَبْدِها وأَجْرِ دارِها، ولأنَّها لو أسْقَطَتْه بعدَ وُجُوبِه، سَقَط كلُّه، فبعضُه أَوْلَى، ولأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لرجلٍ أرادَ أن يُزَوِّجَه:«الْتَمِسْ وَلوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»(٥). وقال لامْرَأةٍ زُوِّجَت بنَعْلَيْن:«أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ بنَعْلَين؟» قالتْ: نعم. فأجازَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٦). وقولُهم: فيه عارٌ عليهم. ليس كذلك، فإنَّ عمرَ قال: لو
(١) سورة البقرة ٢٣٢. (٢) تقدم تخريجه في صفحة ١٥٧. (٣) في م: «له». (٤) في الأصل: «أو». (٥) تقدم تخريجه في ١٤/ ٣٨٠. (٦) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في مهور النساء، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي ٥/ ٣٣. وابن ماجه، في: باب صداق النساء، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٠٨. =