اسْتَقْبَلَ النِّكاحَ. فظاهِرُ هذا أنَّه أفْسَدَ النِّكاحَ لانْتِفاء عَدالةِ المُتَوَلِّي له. وهذا قولُ الشافعيِّ؛ لا رُوِيَ عن ابنِ عباسٍ، أنَّه قال: لا نِكاحَ إلَّا بشَاهِدَيْ عَدْلٍ ووَلِيٍّ مُرْشِدٍ (١). قال أحمدُ: أصَحُّ شيءٍ في هذا قولُ ابنِ عباسٍ. [يَعْني وقد روَى ابنُ عباسٍ](٢) قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وأيُّمَا امْرَأةٍ أنْكَحَهَا وَلِيٌّ مَسْخُوطٌ عَلَيهِ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ»(٣). وروَى البَرْقَانِيُّ (٤) بإسْنادِه عن جابرٍ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»(٥). ولأنَّها ولايةٌ نَظَرِيَّةٌ (٦)، فلا يَسْتَبِدُّ بها الفاسِقُ، كولايةِ المالِ. والرِّوايةُ الأُخْرَى، ليست شَرْطًا. نَقَل مُثَنَّى بنُ جامِعٍ أنَّه سألَ أحمدَ: إذا تَزَوَّجَ بوَلِيٍّ (٧) وشُهودٍ غيرِ عُدُولٍ (٨)؟ فلم يَرَ أنَّه يَفْسُدُ مِن
(١) أخرجه البيهقي، في: باب لا نكاح إلا بولي مرشد، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٢٦. (٢) في المغني ٩/ ٣٦٨: «وقد روى- يعني عن ابن عباس». (٣) أخرجه الدارقطني، في: سننه ٣/ ٢٢١، ٢٢٢. والبيهقي، في: السنن الكبرى ٧/ ١٢٤، وصحح وقفه. وانظر الإرواء ٦/ ٢٣٨ - ٢٤٠. (٤) أحمد بن محمد بن أحمد أبو بكر الرقاق الشافعي الإمام العلامة الفقيه، الحافظ الثبت، شيخ الفقهاء والمحدثين، صاحب التصانيف، توفي سنة خمس وعشرين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء ١٧/ ٤٦٤ - ٤٦٨. (٥) عزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط، وليس فيه: «مرشد». مجمع الزوائد ٤/ ٢٨٦. وانظر الإرواء ٦/ ٢٤١. (٦) في م: «نظر». (٧) بعده في المغني ٩/ ٣٦٩: «فاسق». (٨) في الأصل: «عدل».