وابنِ مَسْعُودٍ، وابنِ عَبَّاسٍ. وخالفَ أبا حنيفةَ صاحِبَاه، فقالا كقَوْلِ سائرِ أهْلِ العِلْمِ. واحْتَجَّ بعضُهم: بما رُوِيَ أنَّ عبَدَ اللهِ بنَ زيدٍ، صاحِبَ الأذَانِ، جَعَل حائِطَه صَدَقةً، وجَعَلَه إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فجاء أُبواه إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالا: يا رسولَ اللهِ، لم يَكُنْ لنا عَيشٌ إلَّا هذا الحائِطَ. فرَدَّه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم ماتا فورِثهما. رَواه المَحَامِلِيُّ (١) في «أمالِيه»(٢). ولأنَّه إخْراجُ مالِه على وَجْهِ القُرْبةِ مِن مِلْكِه، فلا يَلْزَمُ بمُجَرَّدِ القَوْل، كالصَّدَقَةِ. قُلْنا: هذا القَوْلُ يُخالِفُ السُّنّةَ الثابتَةَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وإجماعَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لعُمَرَ في وَقْفِه:«لَا يُبَاعُ أصْلُها، وَلا يُبْتَاعُ، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ»(٣). قال التِّرْمِذِيُّ العَمَلُ على هذا الحَدِيثِ عندَ أهْلِ العِلْمِ مِن أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرِهم، لا نَعْلَمُ بينَ المُتَقَدِّمِين منهم في ذلك
(١) أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي المحاملي القاضي الفقيه، صاحب «الأمالي» المتوفى سنة ثلاثين وثلاثمائة. تاريخ التراث العربي ١/ ١/ ٣٥٧. (٢) وأخرجه النسائي، في: ميراث الولد للوالد المنفرد، من كتاب الفرائض. السنن الكبرى ٤/ ٦٦. (٣) تقدم تخريجه في صفحة ٣٦٢.