يُقْطَعَ إلَّا ما قَدَر على إحْيائِه؛ لأنَّ إقْطاعَه أكْثَرَ منه إدْخالُ ضَرَرٍ على المسلمين بلا فائدَةٍ فيه. فإن فَعَل ثمَّ تَبَيَّنَ عَجْزَه عن إحْيائِه، اسْتَرْجَعَه منه، كما اسْتَرْجَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عنه - مِن بِلَالِ بنِ الحارِثِ ما عَجَز عن عِمارَتِه مِن العَقِيقِ الذي أقْطَعَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فرُوىَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أقْطَعَ بلال بنَ الحارِثِ العَقِيقَ أَجْمَعَ، [فلَمّا كان](١) عُمَرُ، قال لبِلالٍ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لم يُقْطِعْك لتَحِيزَه (٢) عن النّاسِ، إنَّما أقْطَعَك لتُعَمِّرَ، فخُذْ منها ما قَدَرْتَ على عِمارَتِه، ورُدَّ الباقِيَ. رَواه أبو عُبَيدٍ في «الأمْوالِ»(٣). وذكر سعيدٌ في «سُنَنِه»[قال: حَدَّثَنا](٤) عبدُ العزيزِ بنُ مُحمدٍ، عن رَبِيعةَ، قال: سَمِعْتُ الحارِثَ بنَ بلالِ بنِ الحارِثِ يقولُ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أقْطَعَ بِلال بنَ الحارِثِ العَقِيقَ، فلَمّا وَلِيَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ، قال: ما أُقْطِعْتَه لتَحْجُبَه، فأقْطِعْهُ النّاسَ. وروَى عَلْقَمَةُ بنُ وائلٍ، عن أبِيه،
(١) في م: «وإن». (٢) في م: «لتحجبه». (٣) في: باب الإقطاع، من كتاب أحكام الأرضين. الأموال ٢٧٣. كما أخرجه البيهقي، في: باب من أقطع قطيعة أو تحجر أرضا. . .، من كتاب إحياء الموات. السنن الكبرى ٦/ ١٤٩. وانظر ما تقدم في صفحة ٩١. (٤) في م: «عن».