ومالكٍ. وقال الشافعيّ: يَجِبُ. ويَحتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ، وذلك لقَوْلِه - عليه السلام -: «نعم، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ». وقَوْلِه:«الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ»(١).
ولأنَّه منيٌّ خارِجٌ فأوْجَبَ الغُسْلَ، كما لو خَرَج حال الإِغْماءِ. ولَنا، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَف المَنِيَّ المُوجِبَ بأنَّه غَلِيظٌ أبْيَضُ، وقال لعَلِيٍّ «إذا فَضَخْتَ الْمَاءَ (٢) فَاغْتَسِلْ». رَواه أبو داودَ (٣). والفَضْخُ خُرُوجُه على وَجْهِ الشِّدَّةِ. وقال إبراهيمُ الحربِيّ (٤): بالعجَلَةِ. وقَوْلُه - عليه السلام -: «إذَا رَأتِ الْمَاءَ». يَعنِي في الاحتِلام، وإنَّما يَخْرُجُ في الاحتِلامِ لشَهوَةٍ، والحَدِيثُ الآخَرُ مَنْسُوخٌ، ويُمكِنُ مَنْعُ كَوْنِ هذا مَنِيًّا؛ لأنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَف المَنِيَّ بصِفَةٍ غيرِ مَوْجُودَةٍ في هذا.
(١) أخرجه مسلم، في: باب إنما الماء من الماء، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٦٩. وأبو داود، في: باب في الإكسال، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٤٩. والترمذي، في: باب ما جاء أن الماء من الماء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي ١/ ١٦٨. والنسائي، في: باب الذي يحتلم ولا يرى الماء، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٩٦. وابن ماجه، في: باب الماء من الماء، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٩٩. والدارمي، في: باب الماء من الماء، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ١٩٤. والإمام أحمد، في: السند ٣/ ٢٩، ٥/ ٤١٦، ٤٢١. (٢) في م: «المني». (٣) في: باب في المذي، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٤٧. كما أخرجه النسائي، في: باب الغسل من المني، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٩٣. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ١٠٩. (٤) أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي الحنبلي الحافظ، تفقه على الإمام أحمد، وبرع، وصنف التصانيف الكثيرة. توفي سنة خمس وثمانين ومائتين. العبر ٢/ ٧٤، طبقات الحنابلة ١/ ٨٦ - ٩٣.