وذَكَر أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، الفَىْءَ، فقال: فيه حقٌّ لكلِّ المسلمين، وهو بينَ الغَنِىِّ والفقيرِ. وقال عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عَنه: ما مِن أحَدٍ مِن المسلمين إلَّا له في هذا المالِ نَصِيبٌ، إلَّا العبيدَ ليس لهم فيه شئٌ، وقرَأ عمرُ:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} حتَّى بَلغَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}(١). فقال: هذه (٢) اسْتَوْعَبَتِ المسلمين عامَّةً، ولَئِنْ عِشْتُ ليَأْتِيَنَّ الرَّاعِىَ [بسَرْوِ حِمْيَرَ](٣) نَصِيبُه منها، لم يَعْرَق فيه جَبِينُه (٤). وذَكَر القاضى أنَّ الفَىْءَ مُخْتَصٌّ بأهلِ الجهادِ، مِن المُرابِطِين في الثُّغورِ، وجُنْدِ المسلمين، ومَن يقومُ بمصالِحِهم؛ لأنَّ ذلك كان للنبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حياتِه، لحُصُولِ النُّصْرَةِ والمصْلَحَةِ به، فلمَّا ماتَ، صارت مخْتَصَّةً بالجُنْدِ،
(١) سورة الحشر ٧ - ١٠. (٢) سقط من: م. (٣) في م: «بستر وحمير». والسرو من الجبل: ما ارتفع عن مجرى السيل، وانحدر عن غلظ الجبل، ومنه سرو حمير لمنازلهم بأرض اليمن، وهو عدة مواضع. انظر: معجم البلدان ٣/ ٨٩. (٤) أخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في قول أمير المؤمنين عمر. . .، من كتاب قسم الفئ والغنيمة. السنن الكبرى ٦/ ٣٥٢.