الثَّوْرِىُّ، وأصحابُ الرَّأْى كِلَا الأمْرَيْن. ولَنا، ما روَى زِيادُ بنُ جُبَيْرٍ، قال: رَأَيْتُ ابنَ عُمَرَ أتَى على رجلٍ أناخَ بَدَنَتَه ليَنْحَرَها، فقال: ابْعَثْهَا قِيامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةً مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-. مُتَّفَقٌ عليه (١). وروَى أبو داودَ (٢)، بإسْنادِه عن عبدِ الرحمنِ بنِ سابطٍ (٣)، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابَه كانُوا يَنْحَرُونَ البَدَنَةَ مَعْقُولَةَ اليُسْرَى، قائِمَةً على ما بَقِىَ مِن قَوائِمِها. وفى قَوْلِ اللَّهِ تعالى:{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}(٤). دَلِيلٌ على أنَّها تُنْحَرُ قائِمَةً. وقِيلَ في تَفْسِيرِ قَوْلِه تعالى:{فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ}(٤) أى قِيامًا. وكَيْفَما نَحَر أجْزَأه. قال أحمدُ: ويَنْحَرُ الإِبِلَ مَعْقُولَةً على ثَلاثِ قَوائِمَ، فإن خَشِىَ عَلَيْها أن تَنْفِرَ أنَاخَها. ويَذْبَحُ البَقَرَ والغَنَمَ، قال اللَّهُ تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}(٥). وروَى أنَسٌ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِه (٦). فإن ذَبَح ما يُنْحَرُ، أو نَحَر ما يُذْبَحُ، جاز، وأُبِيحَ؛ لأنَّه لم يَتَجَاوَزْ مَحِلَّ
(١) أخرجه البخارى، في: باب نحر الإبل مقيدة، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ٢١٠. ومسلم، في: باب نحر البدن قيامًا مقيدة، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٥٦. كما أخرجه أبو داود، في: باب كيف تنحر البدن، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٠٩. والدارمى، في: باب في نحر البدن قياما، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى ٢/ ٦٦. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣، ١٣٩. (٢) في: باب كيف تنحر البدن، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٠٩. (٣) في م: «ساباط». (٤) سورة الحج ٣٦. (٥) سورة البقرة ٦٧. (٦) تقدم تخريجه في صفحة ٣٣١.