أبو داودَ (١). وإن قَسَمَها فهو أحْسَنُ وأفْضَلُ؛ لأنَّه بقَسْمِها يَتَيَقَّنُ إيصالَها إلى مُسْتَحِقِّها، ويَكْفِى المَساكِينَ تَعَبَ النَّهْبِ والزِّحامِ. ويَقْسِمُ جُلُودَها وجِلالَها (٢)؛ لِما روَى علىٌّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: أمَرَنِى النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أقُومَ على بُدْنِه، وأن أقْسِمَ بُدْنَه كُلَّها؛ جُلُودَها، وجِلالَها، وأن لا نُعْطِىَ الجازِرَ منها شَيْئًا، وقال:«نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا»(٣). وإنَّما لَزِمَه قَسْمُ جِلالِها؛ للخَبَرِ، ولأنَّه سَاقَها للَّهِ على تلك الصِّفةِ، فلا يَأْخُذُ شَيْئًا مِمّا جَعَلَه للَّهِ تعالَى. وقال بعضُ أصحابِنا: لا يَلْزمُه إعْطاءُ جِلالِها؛ لأنَّه إنَّما أهْدَى الحَيَوانَ دُونَ ما عليه. والسُّنَّةُ النَّحْرُ بِمنًى؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَحَر بها. وحيثُ نَحَر مِن الحَرَمِ أجْزَأَه؛ لقولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: «كُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ وَطَرِيقٌ». رَواه أبو داودَ (٤).
فصل: يَلْزَمُه الحَلْقُ أو التَّقْصِيرُ مِن جَمِيع شَعَرِه، وكذلك المَرْأَةُ.
(١) في: باب في الهدى. . .، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٠٩، وروايته فيه عن عبد اللَّه بن قرط، وليس عن أنس. وانظر: تحفة الأشراف ٦/ ٤٠٥. وأخرج الحديث أيضًا عن عبد اللَّه بن قرط، النسائى في السنن الكبرى. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣٥٠. (٢) الجل للدابة، كثوب الإنسان، يلبسه يقيه البرد. (٣) أخرجه البخارى، في: باب لا يعطى الجزار. . .، وباب يتصدق بجلود الهدى، وباب يتصدق بجلال الهدى، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ٢١٠، ٢١١. ومسلم، في: باب في الصدقة بلحوم الهدايا، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٥٤. وأبو داود، في: باب كيف تنحر البدن، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٠٩، ٤١٠. وابن ماجه، في: باب من جلل البدنة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٣٥. والدارمى، في: باب كيف تنحر البدن، من كتاب المناسك. سنن الدارمى ٢/ ٧٤. (٤) تقدم تخريجه في ٨/ ١٩٤.