بأىِّ كُحْلٍ شِئْتِ، غيرَ الِإثْمِدِ أو الأسْوَدِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ الكُحْلَ بالإثْمِدِ مَكْرُوهٌ، ولا فِدْيَةَ فيه، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. ورَوَتْ شُمَيْسَةُ، عن عائِشَةَ، قالَتْ: اشْتَكَيْتُ عَيْنَىَّ وأنا مُحْرِمَة، فسَألْتُ عائِشَةَ، فقالَتْ: اكْتَحِلِى بأىِّ كُحْلٍ شِئْتِ، غيرَ الإثْمِدِ (١). أما إَّنه ليس بِحَرام، ولكنَّه زِينَةٌ، [فنحنُ نكرَهُه](٢). قال الشافعيُّ: إن فَعَلا فلا أعْلَمُ عليهما فيه فِدْيَةً بشئٍ.
فصل: فأمّا الكحْلُ بغيرِ الإثْمِدِ والأسْوَدِ، فلا كَراهَةَ فيه، إذا لم يَكُنْ مُطَيَّبًا؛ لِما ذَكَرْنا من حديثِ عائِشَةَ، وقولِ ابنِ عُمَرَ. وقد روَى مسمٌ (٣)، عن نُبَيْهِ بنِ وَهْبٍ، قال: خَرَجْنا مع أبان بنِ عثمان، حتى إذا كُنّا بِمَلَلٍ (٤)، اشْتَكَى عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ عَيْنَيْه، فأرْسَلَ إلى أبانَ بنِ عثمانَ لِيَسْألَه، فقالَ: اضْمِدْهما بالصَّبِرِ، فإنَّ عثمانَ حَدَّثَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
(١) أخرجه البيهقى، في: باب المحرم يكتحل بما ليس بطيب، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ٦٣. (٢) في م: «فيجب تركه». (٣) في: باب جواز مداواة المحرم عينيه، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٦٣. كما أخرجه أبو داود، في: باب ما يكتحل المحرم، من محاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٢٦. والترمذى، في: كتاب ما جاء في المحرم يشتكى. . . .، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ٤/ ١٧٦. والبيهقى، في: باب المحرم يكتحل بما ليس. . . .، من كتاب الحج. السنن الكبري ٥/ ٦٢. (٤) ملل: موضع على ثمانية عَشَرَ ميلًا من المدينة.