سَمِعْتُهُم يَصْرُخُون بهما صُراخًا (١). وقال أبو حازِمٍ: كان أصْحابُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لا يَبْلُغُون الروحاءَ (٢)، حَتَّى تُبَحَّ حُلُوقُهم مِن التَّلْبِيَةِ. وقال سالِمٌ: كان ابنُ عُمَرَ يَرْفَعُ صَوْتَه بالتَّلْبِيَةِ، فلا يَأْتِى الرَّوْحاءَ حتى يَصْحَل (٣) صَوْتُه. ولا يُجْهِدُ نفْسَه في رَفْعِ الصَّوْتِ زِيادَةً على الطَّاقَةِ؛ لئَلَّا يَنْقَطِعَ صَوْتُه وتَلْبِيَتُه.
فصل: ويُسْتَحَبُّ الإِكْثارُ منها على كلِّ حالٍ؛ لِما روَى ابنُ ماجه، عن عبدِ اللهِ بنِ عامِرِ بنِ رَبِيعَةَ، رَضِىَ اللهُ عَنه، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ مُسْلِم يَضْحَى للهِ، يُلَبِّى حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، إلَّا غابَتْ بذُنُوبِه، فعادَ كَمَا وَلَدَتْه أُمُّه». رَواه ابنُ ماجه (٤).
فصل: ولا يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بها في مَساجِدِ الأمْصارِ، ولا في الأمْصارِ، إلَّا في مَكَّةَ والمَسْجِدِ الحَرامِ؛ لِما رُوِىَ عن ابنِ عباسٍ،
(١) أخرجه البخارى، في: باب رفع الصوت بالإهلال، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ١٧٠. وتقدم حديثه بتمامه في صفحة ١٥٢. (٢) الروحاء: بين مكة والمدينة، على نحو من أربعين ميلاً. معجم البلدان ٢/ ٨٢٨، ٨٢٩. (٣) يصحل: يُبَحُّ. (٤) في: باب الظلال للمحرم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٧٦.