وتخَلَّفَ أكْثَرُ المسلمين قادِرين على الحَجِّ، ولأنَّه إذا أخَّرَه ثم فعَله في السَّنَةِ الأُخْرَى، لم يَكُنْ قاضِيًا، دَلَّ على أنَّ وُجُوبَه على التَّراخِى. ولَنا، قول اللهِ تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}(١). وقَوْلُه:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}(٢). والأمْر على الفَوْرِ. ورُوِىَ عن النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّه قال: «مَنْ أرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ (٣)». رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، وابنُ ماجه (٤). وفى رِوايَةِ أحمدَ، وابن، ماجه:«فَإنَّه قَدْ يَمْرَض الْمَرِيضُ، وتَضِلُّ الضّالَّةُ، وتَعْرِض الْحَاجَة». قال أحمدُ: ورَواه الثَّوْرِىُّ، ووَكِيعٌ، عن أبي إسرائيلَ، عن فُضَيْلِ بنِ عَمْرو، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عباسٍ، عن أخِيه الفَضْلِ، عن النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وعن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللهِ، وَلَم يَحُجَّ، فَلَا عَلَيْهِ أن يَمُوتَ يَهُودِيًّا أوْ نَصْرَانِيًّا». قال التِّرْمِذِىُّ (٥): لا نَعْرِفه إلَّا مِن هذا الوَجْهِ، وفى
(١) سورة آل عمران ٩٧. (٢) سورة البقرة ١٩٦. (٣) في النسخ: «فليعجل» والمثبت من كتب السنة. (٤) أخرجه أبو داود، في: باب حدّثنا مسدد. . . .، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٠٢. وابن ماجه، في: باب الخروج إلى الحج، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجة ٢/ ٩٦٢. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢١٤، ٢٢٥، ٣١٤، ٣٢٣، ٣٥٥. (٥) في: باب ما جاء في التغليظ في ترك الحج، من أبواب الحج. عارضة الأحوذي ٤/ ٢٧. وللحديث طرق مختلفة، انظر الكلام عليها في تلخيص الحبير ٢/ ٢٢٢، ٢٢٣.