إنَّ الاعْتِكافَ لا يَصِحُّ بغيرِ صَوْمٍ. قد أَجَبْنا عنه فيما مَضَى.
فصل: وإن أحَبَّ اعْتِكافَ العَشْرِ الأواخِرِ تَطَوُّعًا، ففيه رِوايَتان؛ إحداهما، يَدْخُلُ قبلَ غُروبِ الشَّمْسِ مِن لَيْلَةِ إحْدَى وعِشْرِينَ؛ لِما رُوِىَ عن أبى سعيدٍ، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوْسَطَ مِن رمضانَ، حتى إذا كان لَيْلَةُ إحْدَى وعِشْرِين، وهى اللَّيْلَةُ التى يَخْرُجُ مِن صَبِيحَتِها مِن اعْتِكافِه، قال: «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ (١) معِى، فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأوَاخِرَ». مُتَّفَقٌ عليه (٢). ولأَنَّ العَشْرَ بغَيْرِ هاءٍ عَدَدُ اللَّيَالِى، فإنّها عَدَدُ المُؤَنَّثِ، قال اللهُ تعالى:{وَلَيَالٍ عَشْرٍ}(٣). وأولُ اللَّيالِى العَشْرِ لَيْلَةُ إحْدَى وعِشْرِينَ. والرِّوايَةُ الثّانِيَةُ، يَدْخُلُ بعد صَلاةِ الصُّبْحِ، قال حَنْبَلٌ، قال أحمدُ: أحَبُّ إلَىَّ أن يَدْخُلَ قبلَ اللَّيْلِ. ولكنْ حَدِيثُ عائِشَةَ، أنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُصَلِّى الفَجْرَ، ثم يَدْخُلُ مُعْتَكَفَه. وبهذا قال الأوْزاعِىُّ، وإسحاقُ. ووَجْهُه ما رَوَتْ عَمْرَةُ، عن عائِشَةَ، أنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صَلَّى الصُّبْحَ دَخَل مُعْتَكَفَه. مُتَّفَقٌ عليه (٤). وإن نَذَر اعْتِكافَ العَشْرِ، فَفى وَقتِ دُخُولِه الرِّوايَتان.
(١) سقط من: م. (٢) تقدم تخريجه في صفحة ٥٦٢. (٣) سورة الفجر ٢. (٤) تقدم تخريجه في صفحة ٥٦٤، ٥٦٥ من حديث عائشة.