أَصْبَحْتُ أنا وحَفْصَةُ صائِمَتَيْن مُتَطَوِّعَتَيْن، فأُهْدِىَ لنا حَيْسٌ (١)، فأفْطَرْنا، ثمَّ سَأَلْنا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ:«اقْضِيَا يَوْمًا مَكَانَهُ»(٢). ولأنَّها عِبادَةٌ تَلْزَمُ بالنَّذْرِ، فلَزِمَتْ بالشُّرُوعِ فيها، كالحَجِّ والعُمْرَةِ. ولَنا، ما روَى مسلمٌ، وأبو داودَ، والنَّسائِىُّ (٣)، عن عِائِشَةَ، قالت: دَخَل علىَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا، فقالَ:«هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ». فقُلْتُ: لا. قال:«فَإِنِّى صَائِمٌ». ثمَّ مَرَّ بى بعدَ ذلك اليومِ وقد أُهْدِىَ لنا حَيْسٌ، فخَبَأْتُ له منه، وكان يُحِبُّ الحَيْسَ. قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّه أُهْدِىَ لنا حَيْسٌ، فخَبَأْتُ لك منه، قال:«أَدْنِيهِ، أَمَا إنِّي قَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنَا صَائِمٌ». فأَكَلَ منه. ثمَّ قال:«إنَّمَا مَثَلُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ مَثَلُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ الصَّدَقَةَ؛ فَإنْ شَاءَ أَمْضَاهَا، وَإنْ شَاءَ حَبَسَهَا». هذا
(١) الحيس: تمر وسمن ودقيق تخلط وتعجن وتسوى كالثريد. (٢) أخرجه أبو داود، في: باب من رأى عليه القضاء، من كتاب الصيام. سنن أبي داود ١/ ٥٧٢. والترمذي، في: باب ما جاء في ايجاب القضاء عليه، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ٢٧٠. (٣) أخرجه مسلم، في: باب جواز صوم النافلة بنية من النهار، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٨٠٨، ٨٠٩. وأبو داود، في: باب في الرخصة في ذلك، من كتاب الصيام. سنن أبي داود ١/ ٥٧١. والنسائى، في: باب النية في الصيام. من كتاب الصيام. المجتبى ٤/ ١٦٣.