عثمانُ، وعائشةُ لَيْلًا. وهذا قولُ عُقْبَةَ بنٍ عامِر، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وعَطاءٍ، والثَّوْرىِّ، والشافعىِّ، وإسحاق. وعنه، أنَّه يُكْرَهُ. وهو قولُ الحسنِ؛ لِما روَى مسلمٌ (١)، أنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَر رجلًا مِن أصحابِه قُبِض، فكُفِّنَ في كَفَنٍ غيرِ طائِلٍ، ودُفِن لَيْلًا، فزَجَرَ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُقْبَرَ الرجلُ باللَّيْلِ، إلَّا أن يُضْطَرَ إنْسانٌ إلى ذلك. ووَجْهُ الأوَّلِ ما ذَكَرْنا مِن فِعْلِ الصحابةِ. وروَى ابنُ مسعودٍ، قال: واللهِ لَكَأنِّى أسْمَعُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ تَبُوكَ، وهو في قَبْرِ ذى البِجَادَيْن (٢)، وأبو بكرٍ وعُمَرُ،
وهو يقولُ:«أدْنِيَا مِنِّى أخَاكُمَا حَتَّى أَسْنُدَهُ فِى لَحْدِهِ». ثم قال لَمّا فَرَغ مِن دَفْنِه، وقام على قَبْرِه مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ:«اللَّهُمَّ إنِّى أمْسَيْتُ عَنْهُ رَاضِيًا فَارْضَ عَنْهُ». وكان ذلك لَيْلًا، قال: فواللهِ لقد رَأيْتُنِى ولوَدَدْتُ أنِّى مَكَانَه، ولقد أسْلَمْتُ قبلَه بخَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً، وأخَذَه مِن قِبَلِ القِبْلَةِ.
رَواه الخَلَّالُ في «جامِعِه»(٣). وعن ابنِ عباسٍ، أنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَل قَبْرًا لَيْلًا، فأُسْرِجَ له سِراجٌ، فأخَذَ مِن قِبَلِ القِبْلَةِ، وقال:«رَحِمَكَ اللهُ، إنْ كُنْتَ لَأوَّاهًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ»(٤). قال التِّرْمِذِىُّ: حديثٌ حسنٌ.
(١) في: باب في تحسين الكفن، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم ٢/ ٦٥١. كما أخرجه أبو داود، في: باب في الكفن، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود ٢/ ١٧٦. والنسائى، في: باب الأمر بتحسين الكفن، من كتاب الجنائز. المجتبى ٤/ ٢٨. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الأوقات التى لا يصلى فيها على الميت ولا يدفن، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٤٨٧. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٢٩٥. (٢) هو عبدالله بن عبد نُهم بن عفيف المزنى، وهو عم عبد الله بن مغفل بن عبد نهم، وله صحبة. الإصابة ٤/ ١٦١ - ١٦٣. (٣) عزاه الهيثمى إلى الطبرانى في الأوسط. مجمع الزوائد ٣/ ٤٣. (٤) تقدم تخريجه في صفحة ٢١٠.