ومسلمٌ (١)، أنَّ موسى عليه السَّلامُ لَمّا حَضرَه المَوْتُ، سَأل الله تَعالَى أن يُدْنِيَه إلى الأرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَرِ.
فصل: وجَمْعُ الأقَارِبِ في الدَّفْنِ حسنٌ، لقَوْلِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ حَضَر عثمان بنَ مَظْعُونٍ: «أدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أهْلِهِ (٢)». ولأنَّه أسْهَلُ لزِيارَتِهم، وأكْثَرُ للتَّرَحُّمِ عليهم. ويُسَنُّ تَقْدِيمُ الأبِ ثم مَن يَلِيه في السِّنِّ والفَضِيلَةِ إذا أمْكَنَ.
فصل: ويُسْتَحَبُّ دَفْنُ الشَّهِيدِ حيت قُتِل. قال أحمدُ: أمّا القَتْلَى فعلى حديثِ جابِرِ، أنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِى مَصَارِعِهمْ»(٣).
وروَى ابنُ ماجه (٤)، أنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بقَتْلَى أُحُدٍ أن يُرَدُّوا إلى مَصارِعِهم. ولا يُنْقَلُ المَيِّتُ مِن بَلَدٍ إلى آخَرَ، إلَّا لغَرَض صَحِيح. وهذا قولُ الأوْزاعِىِّ، وابنِ المُنْذِرِ. قال عبدُ اللهِ بنُ أبى مُلَيْكَةَ: تُوُفِّىَ عبدُ الرحمنِ بنُ أبى بكر بالحُبْشِى (٥)، فحُمِلَ إلي مَكَّةَ، فدُفِنَ، فلَمّا قَدِمَتْ
(١) أخرجه البخارى، في: باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى ٢/ ١١٣، ومسلم، في: باب من فضائل موسى - صلى الله عليه وسلم -، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم ٤/ ١٨٤٢، ١٨٤٣.كما أخرجه النسائى، في: باب نوع آخر، من كتاب الجنائز. المجتبى ٤/ ٩٦. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٦٩، ٣١٥. (٢) في الأصل: «أهلى». والحديث تقدم تخريجه في صفحة ٢٢٩. (٣) أخرجه أبو داود، في: باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود ٢/ ١٨٠. والنسائى، في: باب أين يدفن الشهيد، من كتاب الجنائز. المجتبى ٤/ ٦٥. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٤٨٦. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣٠٨، ٣٩٨. (٤) انظر تخرج الحديث السابق. (٥) في م: «بالحبشة» والحُبْشِىُّ، بضم المهملة في آخره ياء النسب من جبل بأسفل مكة بينه وبين مكة سنة =