فصل: ويُشْتَرَطُ للاسْتِجْمارِ الإِنْقاءُ، وكمالُ العَدَدِ. ومعنى الإِنْقاء في الاسْتِجْمارِ: إزالةُ عينِ النجاسةِ وبَلَلِها، بحيث [يَرْجِعُ الحَجَرُ](١) نَقِيًّا، ليس عليه أثر إلَّا شيئًا يَسِيرًا. ومعنى الإِنْقاءِ في الاسْتِنْجاءِ ذَهابُ لُزُوجَةِ النَّجاسَةِ وآثارِها. فإنَّ وُجِدَ الإِنقاءُ، ولم يَكْمُلِ العَدَدُ، لم يُجْزِئ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. وقال مالكٌ: يُجْزِئ. وبه قال داوُد؛ لحُصُولِ المقْصُودِ، وهو الإِنْقاءُ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَن فَعَلَ فَقَدْ أحْسَنَ، وَمَنْ لا فَلا حَرَجَ»(٢). ولَنا، قَوْلُ سلْمانَ: لقد نَهانا -يعني النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَسْتَجْمِرَ بأقَلَّ مِن ثلاثةِ أحْجارٍ (٣). فأمّا قوله:«فَلا حَرَجَ». في حديثهم، يعني في تَرْكِ الوتْرِ، لا في تركِ العَدَدِ؛ لأنَّ المأمُورَ به في الخَبَرِ الوترُ، فيَعُودُ نَفْيُ الحَرجِ إليه.
(١) في م: «يخرج». (٢) رواه أبو داود، في: باب الاستتار في الخلاء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٨. كما أخرج نحوه في الاستجمار وترا البُخاريّ، في: باب الاستنثار في الوضوء، وباب الاستجمار وترا، من كتاب الوضوء. صحيح البُخاريّ ١/ ٥٢. والترمذي، في: باب ما جاء في المضمضة والاستنشاق، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي ١/ ٤٤. والنَّسائيُّ، في: باب الرخصة في الاستطابة بحجر واحد، وباب الأمر بالاستنثار، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٣٨، ٥٧. وابن ماجه، في: باب الاستنجاء بالحجارة، وباب الارتياد للبول والغائط، وباب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١١٤، ١١٥، ١٢١، ١٤٢، ١٤٣. والدارمي، في: باب التستر عند الحاجة، وباب في الاستنشاق والاستجمار، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ١٦٩، ١٧٨. والإمام مالك، في: باب العمل في الوضوء، من كتاب الطهارة. الموطأ ١/ ١٩. والإمام أحمد، في: المسند ٢٣٦/ ٢، ٢٥٤، ٢٧٧، ٢٧٨، ٣٠٨، ٣٥١، ٣٥٦، ٣٧١، ٣٨٧، ٤٠١، ٤٦٣، ٤/ ٣١٣، ٣٣٩، ٣٤٠. (٣) تقدم صفحة ٢٢٢.