يُسْتَحَبُّ أن يَجْعَلَ خَتْمَةَ النهارِ في رَكْعَتَي الفَجْر أو بعدَهما، وخَتْمةَ اللَّيْلِ في رَكْعَتَيِ المَغْرِبِ أو بعدَهما.
فصل: وكَرِه أحمدُ قراءَةَ القُرْآنِ بالألْحانِ، وقال: هي بِدْعَةٌ، لِما رُوِيَ أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ذَكَر في أشْراطِ السّاعَةِ أن يُتَّخَذَ القُرآنُ مَزامِيرَ، يُقَدِّمُون أحَدَهم ليس بأقرَئِهم ولا أفْضَلِهم، إلَّا ليُغنيهم غِناءً (١). ولأنَّ مُعْجزَةَ القُرْآنِ في لَفْظِه ونَظْمِه، والألْحانُ تُغَيره. قال شيخُنا (٢): وكلامُ أَحمدَ في هذا مَحْمُولٌ على الإفْراطِ في ذلك, بحيث يَجْعَلُ الحَرَكاتِ حُرُوفًا، ويَمُدُّ في غير مَوْضِعِه. وأمّا تحْسِينُ القُرآنِ والترجِيعُ فلا يُكْرَهُ، فإن عبدَ اللهِ بنَ المُغفلِ قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ. قال: فقَرَأ ابنُ مغَفل، ورَجَّعَ في قِراءَتِه. وفي لَفْظٍ، قال: قَرَأ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عامَ الفَتْحِ في مَسِيرٍ له سُورَةَ الفَتْحِ على راحِلَتِه، فرَجَّعَ في قِراءَتِه. قال مُعاوِيَةُ (٣) بنُ قرَّةَ: لولا أنِّي أخافُ أن يَجْتَمعَ عليَّ النّاسُ لحَكَيْتُ لكم قراءَتَه. رَواهما مسلم (٤). وفي لفظٍ
(١) انظر: مسند الإِمام أَحْمد ٣/ ٤٩٤ وانظر: غريب الحديث، لأبي عبيد ٢/ ١٤١. (٢) في: المغني ٢/ ٦١٣. (٣) في الأصل: «معاذ». (٤) في: باب ذكر قراءة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سورة الفتح ويوم فتح مكة، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم ١/ ٥٤٧. كما أخرجهما البُخَارِيّ، في: باب أين ركز النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الراية يوم الفتح، من كتاب المغازي، وفي: باب القراءة على الدابة، من كتاب فضائل القرآن، وفي: باب ذكر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ورواته عن ربه، من كتاب التوحيد. صحيح البُخَارِيّ ٥/ ١٨٧، ٦/ ٢٣٨، ١/ ١٩٢. وأبو داود, في: باب استحباب الترتيل في القرآن، من كتاب الوتر. سنن أبي داود ١/ ٣٣٨ والإمام أَحْمد، في: المسند ٥/ ٥٤ - ٥٦.