[إنَّما شَهِدَ على شَهادتِه. فأمّا إن قالَ: اشْهَدْ أنِّى أشْهَدُ على فُلانٍ بكذا. فالأشْبَهُ أنَّه يجوزُ أن يَشْهَدَ على شَهادتِه](١). وهو قولُ أبى يوسُفَ؛ لأنَّ معنَى ذلك: اشْهَدْ على شَهادَتِى. [وقال أبو حنيفةَ: لا يَجُوزُ إلَّا أنْ يَقولَ: اشْهَدْ على شَهادَتِى](٢) أنِّى أشْهَدُ، لأنَّه إذا قال: اشْهَدْ. فقد أمرَه بالشَّهادةِ، ولم يَسْتَرْعِه. وما عَدا هذه المَواضِعَ، لا يجوزُ أن يَشْهَدَ فيها على الشَّهادةِ، فإذا سَمِعَه يقولُ: أشْهَدُ أنَّ لفُلانٍ على فُلانٍ ألفَ دِرْهم. لم يَجُزْ أن يَشْهَدَ على شَهادتِه؛ لأنَّه لم يَسْتَرعِه الشهادةَ، فيَحْتَمِلُ أن يكونَ وَعَدَه بها، وقد يُوصَفُ الوَعْدُ بالوُجوب مَجازًا؛ فإنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«العِدَةُ دَيْنٌ»(٣). ويَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ بالشَّهادةِ العِلْمَ، فلم يَجُزْ لسَامِعِه الشَّهادةُ به. فإن قيل: فلو سَمِعَ رَجلًا يقولُ: لفُلانٍ علىَّ (٤) ألفُ دِرْهم. جازَ أن يَشْهَدَ بذلك، فكذا هذا. قُلْنا: الفَرْقُ بينَهما مِن وَجْهَيْن؛ أحدُهما، أنَّ الشَّهادةَ تَحْتَمِلُ العِلْمَ، ولا يحْتَمِلُ الإِقْرارُ ذلك.
(١) سقط من: الأصل. (٢) سقط من: ق، م. (٣) أخرجه الطبرانى، في: الصغير ١/ ١٥٠. من حديث على وابن مسعود. وأبو نعيم، في: تاريخ أصبهان ٢/ ٢٧٠. والديلمى، انظر: فردوس الأخبار ٣/ ١١١. وقال الهيثمى: وفيه حمزة بن داود، ضعفه الدارقطنى. مجمع الزوائد ٤/ ١٦٦. وانظر: تخريج أحاديث إحياء علوم الدين ٣/ ١١٦٢، وفيض القدور ٤/ ٣٧٧، ٣٧٨. (٤) في ق، م: «على فلان».