وإشْباعِ الحَرَكاتِ، فلا بَأْسَ به؛ فإنَّ النبَّى - صلى الله عليه وسلم - قد قَرأ، ورَجَّعَ، ورَفَعَ صَوْتَه، وقال الرّاوِى: لولا أن تَجْتَمِعَ النَّاسُ إلىَّ، لَحَكَيْتُ لكم قراءَةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (١). وقال عليه الصلاةُ والسلامُ:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ». وقال:«مَاْ أذِنَ اللهُ لِشَىْءكَأذَنِهِ لنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ، يَتَغنَّى بِالْقُرْآنِ»(٢). أىْ يَجْهَرُ به. ومعنى أذِنَ: اسْتَمَعَ. قال القاضى: هو مَكْرُوهٌ على كلِّ حالٍ. ونحوُه قولُ أبى عُبَيْدٍ، وقال (٣): مَعنَى قولِه: «مَنْ لَمْ يَتَغن بِالْقُرْآنِ» أىْ: يَسْتَغنِى به، قال الشَّاعِرُ:
قال: ولو كان مِن (٥) الغِناءِ بالصَّوْتِ، لَكانَ: مَن لم يُغنِّ بالقُرآنِ. ورُوِىَ نحوُ هذا التَّفْسيرِ عن ابنِ عُيَينةَ. وقال القاضى أحمدُ بنُ محمدٍ البِرْتِىُّ: هذا قولُ مَن أدْرَكْنا مِن أهلِ العلمِ. وِقال الوليدُ بنُ مسلمٍ: يَتغنَّى بالقُرآنِ، يَجْهرُ به. وقيلَ: يُحسِّنُ صَوْتَه به. قال شيْخُنا (٦): والصَّحِيحُ أنَّ هذا القَدْرَ مِن التَّلْحينِ لا بَأسَ به، ولأنَّه لو كان مَكْرُوهًا، لم يَفْعَلْه النبُّى - صلى الله عليه وسلم -، ولا يَصِحُّ حَمْلُه على التَّغَنِّى في حديثِ: «مَا أذِنَ
(١) تقدم تخريجه في ٤/ ١٧٩. (٢) تقدم تخريجه في ٤/ ١٨٠. (٣) في غريب الحديث ٢/ ١٧١، ١٧٢. والبيت للأعشى الكبير، وهو في ديوانه ٢٥. (٤) في ق، م: «النياح». (٥) سقط من: م. (٦) في: المغنى ١٤/ ١٦٨.