فصل: فإن نَكَّسَ السَّلامَ، فقال: عليكمُ السَّلامُ. لم يُجْزِئْه. وقال القاضي: يُجْزِئُه في وَجْهٍ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لحُصُولِ المَعْنَى منه، وليس هو قُرْآنًا فيُعْتَبَرَ له النَّظْمُ. ولَنا، أنَّ النبيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- قالَه مُرَتَبًا، وأمَرَ به كذلك، ولأنَّه ذِكْرٌ يُؤْتَى به في أحَدِ طَرَفيِ الصلاةِ، فلم يَجُزْ مُنَكَّسًا، كالتِّكْبِيرِ.
فصل: فإن قال: سَلامٌ عليكم. مُنَكَرًا مُنَوَّنًا، ففيه وَجْهان؛ أحَدُّهما، يُجْزِئُه. وهو مذهبُ (١) الشافعيِّ؛ لأن السَّلامَ الذى وَرَد في القُرْآنِ أكْثَرُه بغيرِ ألِفٍ ولامٍ، كقَوْلِه:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ}(٢). ولأنَّا أجَزْنا التشَهُّدَ بتَشَهُّدِ ابنِ عباسٍ (٣) وأبي موسى (٤)، وفيهما:«سَلامٌ عَلَيْكَ»(٥). والتَّسْلِيمَتان واحِدٌ. والآخَرُ، لا يُجْزِئُه، لأنَّه يُغَيِّرُ صِيغَةَ السَّلامِ الوارِدِ، ويُخِلُّ بحَرْفٍ يَقْتَضِي الاسْتغْراقَ، فلم يَجُزْ, لو أثْبَتَ اللَّامَ في التَّكْبِيرِ. وقال الآمِدِيُّ: لا فَرْقَ بينَ أن يُنَوِّنَ التَّسْلِيمَ أولا يُنَوِّنَه؛ لأنَّ حَذْفَ التَّنْوِينِ لا يُخِل بالمَعْنَى؛ بدَلِيلِ ما لو وَقَف عليه.
(١) في م: «قول». (٢) سورة الرعد ٢٤. (٣) تقدم تخريجه في صفحة ٥٣٨. (٤) أخرجه مسلم، في: باب التشهد في الصلاة، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ١/ ٣٠٣، ٣٠٤. وأبو داود، في: باب التشهد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٢٣. والنَّسائيّ، في: باب نوع آخر من التشهد، من كتاب السهو. المجتبى ٢/ ١٩٢، ١٩٣. وابن ماجه، في: باب ما جاء في التشهد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٩١، ٢٩٢. (٥) في الأصل: «عليكم».