لأنَّ نَذْرَ ذَبْحِ الوَلَدِ جُعِلَ في الشَّرْعِ كنذْرِ ذَبْحِ شاةٍ، بدَليلِ أنَّ الله تعالى أمَرَ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، بذَبْحِ وَلَدِه، وكان [أُمِرَ أن يَذْبَحَ](١) شاةً، وشَرْعُ مَن قَبْلَنَا شَرْعٌ لنا ما لم يَثْبُتْ نَسْخُه، ودليلُ أنَّه أُمِرَ بذَبْحِ شاةٍ، أنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بالفَحْشاءِ ولا بالمَعاصِي، وذَبْحُ الوَلَدِ مِن كَبائِرِ المعاصِي، قال اللهُ تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}(٢). وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أكْبَرُ الكَبَائِرِ أنْ تَجْعَلَ لِله نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ». قِيلَ: ثم أيٌّ؟ قال:«أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ»(٣). وقال الشافِعِيُّ: ليس هذا بشيءٍ، ولا يَجِبُ به شيءٌ؛ لأنَّه نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، لا يَجِبُ (٤) الوَفاءُ به، ولا يجوزُ، ولا تَجِبُ به كَفَّارَةٌ؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا نَذْرَ في مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ»(٥). ولَنا، قولُه عليه
(١) في ق، م: «أمرا بذبح». (٢) سورة الإسراء ٣١. (٣) تقدم تخريجه في ٢٥/ ٦٩. (٤) في م: «يجوز». (٥) أخرجه النسائي، في: باب النذر فيما لا يملك، من كتاب الأيمان والنذور. المجتبى ٧/ ١٨. وابن ماجه، في: باب النذر في المعصية، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٦. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٤٢٩، ٤٣٢. كلهم من حديث عمران بن حصين.